الضبط والربط في البرلمان
يخرجون ويدخلون بلا إحم ولا دستور، المصريون يصفون هذه الحالة بالوكالة التي من غير بواب رغم السرور وعطية وخوري. قبّة أسفلها لا يكتمل العدد أبدا، والكاميرات تنقل منها كيف أنّ لا أحد يصغي إلى أحد أيّ كان الذي يقال من على المنصة أو الذي يقول، وكيف أنّ كل اثنين يضعون رؤوسهم ببعض، يتهامسون ويبتسمون, ثم بعد ذلك كيف يصوّتون؟
نواب جلّهم لا يعرفون خوّ وماذا يعني العريف أو الرقيب أو أنّ وكيل القوة عودة رفيفة، وعليه يكون جهلهم عظيما بمعاني الضبط وأهمية الربط, وهذا يفسّر فوضى الحركة دون فهم لم يحضرون الجلسة، فيغادرونها ثم يعودون لها وليس مهماً ما فات أو سيأتي أبدا، ويقولون أنّهم يعدّون نظاما داخليا للمعالجة, وكأنه إلى حينه الفلتان مباح.
كلمة نواب في اللغة اسم مجهول، ولو ظهروا على الناس في وسط البلد لعرفوا قلة القلة، ومنهم من يظن بالنفس الشهرة حد النجومية ظناً بالمنصب وهو ما عاد محل اكتراث لوجاهة أو تقديم لصدر المكان، ولقلّة المدارك بالنيابة ومعنى تمثيل الأمة الاندفاع أكثر ما يكون نحو توجيه الأسئلة وكأنها لامتحان توجيهي, وبلا فرق إن أجيبت بصح أو خطأ. أمّا الاستجوابات فبالجملة وبدون هيبة وكأنها لعب عن دود, ولا يعلمون أنّ استجوابا واحدا بالكويت كفيل بحلّ الحكومة والمجلس أيضا.
لو جمعنا الحكومة على النواب لما تحسّنوا ولا أحسنوا إن كلهم نواب أو جميعهم حكومة, ولو أنّهم جلسوا كلهم في بيوتهم لما حسّ غيابهم، فأيّ بناء هذا الذي هو للتمكين الديمقراطي دون تمكن من معرفة واجب وفيما إذا يحسبونه منزليا. ولو أنّ العدوى التي طالت لبنان تمكّنت لغيره وطالنا مجرد بعض الانفلونزا منها، فهل من صيدليتهما سيأتي أيّ علاج وكل الكبسولات فيها فارغة أساسا. أما وأنّ الانقسام سياسيا يلفّ النواب مع النواب، والحكومة مع الحكومة، والأعيان مع الأعيان، والمعارضة مع المعارضة, والموالاة تنقلب على نفسها من أول عدم قبض, وكل ذلك لا يثير قلقاً فإنّ الأكيد أنّنا لسنا نحن أبداً وإنّما غيرنا طوال الوقت.