نجاح القوميين واليساريين في نقابة أطباء الأسنان



أضاف تحالف الأحزاب القومية واليسارية ، حصيلة جديدة لسلسة إنجازاته على صعيد النقابات المهنية ، بفوز مرشحي قائمته الإنتخابية في إنتخابات أطباء الأسنان التي جرت يوم الجمعة 21/ حزيران ، مثلما سجل الإخوان المسلمون لأنفسهم ومن معهم ومن يتبعهم ، خسارة جديدة ، تضاف لسلسلة إخفاقاتهم المتتالية هذا العام وهي خسارتهم الرابعة على جبهة النقابات المهنية التي بدأت مع هيئة المكاتب الهندسية وتواصلت عبر المحامين والأطباء ، وتوجت بأطباء الأسنان .

وعلى الرغم ، من المحاولات الحثيثة من قبل الإخوان المسلمين ، ومن يتبعهم ومن راهن عليهم ، لتوسيع قاعدة تحالفاتهم كي يحققوا فوزاً ، حيث سعوا لتوظيف إتجاهات هامشية بين أطباء الأسنان ، كي يقدموا نموذجاً بديلاً يستهدف محاكاة القوى القومية واليسارية التي اتسمت تحالفاتها بنكران الذات والترفع عن التمثيل الحزبي الضيق ، كما فعل الشيوعيون وحزب حشد حين أثروا دعم قائمة د . إبراهيم الطراونة النقابي القومي المستقل ، دون أن يكون لهم تمثيل للمشاركة يعكس حضورهم القاعدي والنقابي ، ومع ذلك أخفق الإخوان المسلمون وحلفاؤهم في تحقيق النتيجة المطلوبة وهي إضعاف تحالف القوى القومية واليسارية ، التي ثبت تماسك خياراتها وتحالفاتها مستعينة بشخصيات مهنية مستقلة ذات وزن وإتجاهات سياسية وطنية تحفظ العلاقة ، وتقوم على المصلحة الوطنية والقومية والرؤية السياسية الحازمة التي لا تقبل المساومة ، وتدعم قضية الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الحية الفاعلة في صفوفها .

لقد نجح الإخوان المسلمون في إختراق قائمة القوى الوطنية والقومية واليسارية ، بمرشح واحد فقط من طرفهم ، وإثنين أخرين من المستقلين في قائمة الأئتلاف النقابي التي قادها مرشحهم لمنصب النقيب د . فارس الفار الذي أخفق بفارق كبير عن مرشح القائمة النقابية الموحدة التي قادها د . إبراهيم الطراونة وحقق فوزاً إلى جانب 7 من مرشحي قائمته الإنتخابية ، وغدا نقيباً لأطباء الأسنان إلى جانب زملاء له ، في مجمع النقابات المهنية ، سيشكلون الأغلبية لقيادة النقابات المهنية مما يعكس نفسه على أداء وسياسة مجمع النقابات السياسية والنقابية والمهنية حيث بقي للإخوان المسلمين نقابتان فقط هما نقابتا المهندسين والمهندسين الزراعيين .

نجاح تحالف القوى الوطنية والقومية واليسارية والمستقلين برئاسة د . إبراهيم الطراونة نقيباً لأطباء الأسنان ، يدلل على مدى الحيوية والفاعلية التي يتمتع بها النقابيون ، ورغبتهم بالتعددية والأنفتاح والديمقراطية ، ورفضهم للون الواحد وهيمنة فئة أو تيار أحادي يتخذ سياسات مربكة ، ثبت فشلها في النقابات وفي الشارع وعلى المستوى الوطني ، وثبت أيضاً أن تضليل النقابيين بتلوين قوائم الإخوان المسلمين بتلاوين هامشية لا يجدي نفعاً ، فقد راهن الإخوان المسلمون على إنقاسامات أو إنحيازات ذاتية متواضعة في هيئة المكاتب الهندسية وفي نقابات الأطباء والمحامين وأخيراً في نقابة أطباء الأسنان ، ولكنها لم تفلح في تحقيق النتائج .

ليست معركة النقابات المهنية وإنتخاباتها ، هي مجرد إنتخابات نقابية ومهنية ، مع أنها كذلك ، ولكنها أيضاً إفرازات لواقع سياسي ، يعكس نفسه على مزاج ومواقف وإنحيازات النقابيين ، فنجاح القيادات النقابية القومية واليسارية ، هي إفراز لواقع التصادم السياسي الذي يسود منطقتنا العربية ، بين القوى المتحالفة مع الأميركيين في العراق وسوريا ومصر وتونس من جهة ، وبين القوى الوطنية والقومية واليسارية التي تصطدم مصالح شعوبها مع سياسات التدخل الأجنبي ، للأميركيين وحلف الناتو ، ضد إرادات العرب ورغبتهم في التغيير والأصلاح بأدوات مدنية ديمقراطية ، وليس عبر العنف والعمل المسلح والتدخل الأجنبي كما حصل في ليبيا وقبلها في العراق وكما يحصل الآن في سوريا .

وهذا هو العنوان الأبرز ، بدون الإقلال بأهمية القضايا النقابية والمهنية التي تستأثر بإهتمام قطاع واسع من النقابيين ، للدفع بإتجاه الأهتمام بعناوين المشاكل أو المعيقات المهنية والإجتماعية والإقتصادية التي تواجههم ، ومع ذلك يجدون أن جزءاً كبيراً من عناوينهم المهنية والنقابية مردها الوضع السياسي المعقد الذي يواجه بلدنا وشعبنا ، متداخلاً مع تعقيدات الوضع العربي المؤئر على أمن الأردنيين وأوضاعهم السياسية والأقتصادية ، وتجسد هذا في نجاح قائمة القوى الوطنية والقومية واليسارية ، في نقابة أطباء الأسنان ، بالنقاط الثلاثة التالية :
أولاً : نجاح مرشحهم لمنصب النقيب بتفوق د . إبراهيم الطراونة ، ثانياً : نجاح سبعة من قائمته من أصل عشرة مرشحين ، ثالثا: نجاح مرشح واحد فقط من قائمة الإخوان المسلمين ، وإثنان من المستقلين عن قائمتهم ، وبذلك تتم إضافة نقابة أطباء الأسنان إلى نقابات الأطباء والمحامين وهيئة المكاتب الهندسية التي جرت فيها الإنتخابات هذا العام ، وحقق خلالها تحالف القوى الوطنية والقومية واليسارية والمستقلين والمهنيين نجاحاً ملموساً على حركة الإخوان المسلمين ومن يتبعهم ويسير معهم ، وهذا يعود لعدة أسباب مهنية ونقابية وسياسية ، يقف في طليعتها وحدة الشيوعيين التي أعادت لهم تماسكهم ووحدة موقفهم وتصويتهم بعد أن كانوا مبعثرين موزعين ، ثانياً روح التفاني لإنجاح قائمة التحالف الوطني القومي اليساري بعيداً عن الأنانية ونزعة المحاصصة لدى الحزب الشيوعي وحشد ، ثالثاً المبادرات الحيوية لقادة حزب البعث العربي الإشتراكي في العمل على إزالة معيقات نجاح القائمة الوطنية والقومية واليسارية .

إنتخابات نقابة أطباء الأسنان مهنية نقابية ، لها مدلول ورغبة في تحسين وتطوير المهنة وحفظ مصالح قاعدتها المهنية والنقابية ، ولكنها تتم في الإطار السياسي ، لأن كل ما يمكن أن تفعله النقابة بالتعاون مع النقابات المهنية الأخرى يتم في أجواء سياسية ولصالح توجهات سياسية وضد توجهات سياسية أخرى محافظة أو غير ديمقراطية أو متطرفة ورجعية .

h.faraneh@yahoo.com