حالة عدم اليقين الاقتصادي
تشير التقارير الدولية الى أن حالة عدم اليقين الاقتصادي ما زالت قائمة في العديد من دول العالم. بيد أن الصورة الكلية تتجه الى بوادر تحسن حالة الاقتصاد العالمي والإقليمي.
فالمنطقة العربية، وخاصة الخليجية، تتجه نحو استقرار اقتصادي برغم تراجع أسعار النفط في الشهور الخمسة الأولى من العام نسبة الى ما كانت عليه في العام الماضي، مع توقع بنمو الاقتصاد غير النفطي في تلك الدول بنسبة 5% تقريبا. والمنطقة الأوروبية بوادرها نحو توقف الانحدار الكبير نتيجة الأزمة في منطقة اليورو والتي انطلقت من اليونان وكادت تعصف بايطاليا واسبانيا والبرتغال. ولعل التوجه نحو الاستقرار في القاع الذي وصلت إليه مؤشر جيد لبدء التعافي التدريجي خلال العامين القادمين. أما الاقتصاد الأمريكي فمن الواضح أن البيانات تشير الى توجه ايجابي، برغم بطئه، خاصة في ظل التصريحات الأخيرة لرئيس المجلس الاحتياطي الفدرالي برنانكي الذي أكد عدم التراجع في الأجل المنظور عن سياسة التيسير الكمي الذي يتبعها لحقن الاقتصاد وتحريك عجلته. أما الاقتصاد الياباني والذي انتهج سياسة تيسير كمي منذ بداية الأزمة المالية العالمية فإن مؤشراته ايجابية وقد بدأت تنعكس في نمو حقيقي ايجابي في الربع الأول من العام، ما يوحي بأن الفرصة مواتية للتعافي الاقتصادي لليابان خلال العامين القادمين أيضا. بيد أن بعض القلق بدأ يواجه بعض الاقتصادات الناشئة وخاصة في كتلة بريكس التي تحتضن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وهو الأمر الذي يواجهه الاقتصاد التركي داخليا بالرغم من وجود مؤشرات ايجابية كبيرة في الاقتصاد التركي. إلا أن المحصلة الشاملة للوضع الاقتصادي العالمي توحي بتحسن حذر يمكن أن يكون بداية لتعاف قد يؤتي أكله بشكل أوضح خلال العامين القادمين، وعندها قد نكون انتهينا من السبع العجاف وننطلق نحو أعوام من دورة اقتصادية جديدة وايجابية. المعضلة التي تحد من الاستفادة الكاملة من الإرهاصات العالمية السابقة على الاقتصاد الأردني تكمن في المحيط المشتعل، وخاصة التطورات في سورية ومصر والعراق، وهو ما يحد من قدرة الاستفادة الكاملة من ما يمكن تسميته التحول الايجابي في الاقتصاد العالمي. ولكن من المفيد الإشارة الى أن تراجع أسعار النفط وعودة تدفقات النفط المصري بما يزيد على ضعف تدفقات العام المنصرم قد يساعد كثيرا في ضبط العجز المالي العام للدولة في ظل انخفاض كلفة توليد الكهرباء بما يقرب من 40% حتى الان. ولعل المحدد المهم في التوجه نحو التحسن داخليا يكمن في القدرة على التعامل مع فوائض المنح الخليجية التي تتجاوز المليار وربع المليار دينار والتي تنتظر إنفاقها في مشاريع حيوية اقتصادية يمكن أن تكون المحرك الأساس للاقتصاد الوطني. ولعل البدء بميناء الغاز وإنشاء صندوق، أو بنك، لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من حصيلة تلك المنحة قد يشكل تحولا حقيقيا في تحفيز الاقتصاد وتخفيف عبء العجز المالي. والأمل أن نقرأ المشهد العالمي بشكل سليم وأن نأخذ القرارات السليمة غير المرعوبة قبل ضياع الوقت. |
||