الحركات السياسية غير المرخصة وبداية الانفلات
الحركات السياسية غير المرخصة وبداية الانفلات
عمر شاهين
ما يرصده المواطن الأردني في الشهر الأخير يثير الريبة بحق، وأخالف كل من يشعر بنشوة حركة الشارع والمعارضة ، والمسيرات الشعبية الكبرى والتي وصلت حممها إلى معظم المدن، فانا لا أؤمن بأي تغير لا ينبني على قاعدة مفهومة وواضحة .
والخوف يتسرب إلى الكثير مما يحدث، بعكس ما يشاع ففي ليلة الخميس حيث نشر خبر ان هناك خطاب لجلالة الملك أصبت بذهول حينما أوقفني واتصل بي أناس كثيرين منهم شباب صغار و مراهقين وحتى فتيات يسألوني عن موعد الخطاب، وهذا يظهر حالة جديدة مختلفة عن السابق السياسي ومرحلة انتقالية من الخوف والمعانة الاقتصادية إلى السياسية وترقبهم الى حسم ما يحدث .
ليس مريحا ما نشهده اليوم من حراك سياسي غير منظم ولجان تخرج لك كل يوم بمسمى جديد نعرف شرعيتها أو مصدرها، ومن ثم نراها تعطي نفسها حق القيادة وتسير الشارع واستغلال المواطن الذي يسير وراء أشخاص لا يعرف خلفيتهم، والمصيبة أن المعارضة الجديدة من أناس كانوا بمناصب مهمة سابقا ولديهم قدرة فائقة على كشف أسرار الفساد الاقتصادي ، وصناعة صدمة مفاجئة للمواطن وتحريض الشارع.
الحركات الجديدة ليست نتاج جديد بل بداية تبعثر . وستنتج قريبا، حركات مواجهة، ومتشابهة، خصوصا ان هذه الحركات واللجان بدأت بالتدخل بالهوية والوطنية ، ومستقبلها وحاضرها، والسكوت عما يجري لن يكون تهدئة بقدر نتاج صدام حاد بالشارع الأردني ، سينقل المعركة من معارضة متحالفة مؤقتا مع الشارع ضد الحكومة إلى صدام داخلي، فقبل فترة نشر بيان يسيء إلى نصف المجتمع، وحمل أسماء شخصيات سياسية وإعلامية لم يترك شيمة إلا وكتبها، ونسب إلى إحدى اللجان، وبعد أن بدأت مرحلة البراءة من البيان، لم يكن أي شخص بقادر على تحديد موقفه. او تكذيب وتصديق بيان نشر من جهة مجهولة ادعت نسبه.
اللجان الجديدة لا نعرف مكانها، أو من يقودها ، ومن سيسيرها، وفي ظل وجود مواقع تبادل معلوماتي ، لا تحتاج إلى الشارع أو إذن الحاكم الإداري، فمن السهولة، أن يجتمعوا بموقع مثل الفيس بوك ، ويتم التشاور والتحاور ، بلا أي رهبة أو خوف، وهذا ما يرى بالعين المجردة ، حاليا ويفوق التصور، من قوى خطاب المعارضة الجديد.
يجب أن يتم إجراء معيار جديد للسياسة الداخلية، وتتم وضع النقاط على الحروف فورا وإنهاء مرحلة العزل السياسي التي مارستها الحكومات ومؤسسات الدولة على السياسيين الشرعيين وعلى رأسهم الأحزاب المرخصة، ووقف تجنب أي حوار جدي وليس شكليا معهم، كما نشاهد من عام 1989، بحوار سياسي مظهري لا يستفاد منه بالمحتوى الفعلي.
التونسة لن تكون في الأردن ، كما يظن البعض، وسير الشارع بهذا الشكل، وظهور قيادات مختلفة يقود إلى الرعب والخوف، فقبل يوم كان شاب يصف لي أن الأردنيين كان يحملون أعلام تونس أمام مسجد عمر، بعد صلاة الجمعة، فأخبرته أن هذه أعلام حزب الوحدة الشعبية وليست أعلام تونس، فانتفض الشاب السلفي مذهبا، غاضبا لأنه كان يسير بجانب أعلام شيوعيين،فهو لا يفرق بين اليسار والشيوعية، ولنتخيل هذا الصدام القريب جدا بين مسيرات تضم ايدوليجات وأصول متعددة لن يطول اتفاقها، ولا أريد أن اضرب عشرات الامثلة السابقة التي تبرهن على ما أقول.
يجب ان تعيد الحكومة ، الشرعية للمثلين الحقيقيين للسياسية الأردنية، من الحزبين ، والإعلاميين الجدين والخبراء المشهود لهم، ومن كبار رجال المعارضة الشرفاء، لتمزق الحكومة كل أحزمة الامان الوهمية التي جعلتها تضعه حولها من إعلام وسياسيين مزيفين ثبت فشل مشاريعهم، وفشل أن كل ما كان يتحدثون به ويكبتوه لم يكن يقنع أحدا.
لا ألوم كل الخائفين من أبناء شعبي والذين يرددون عنوان مقال كتبه يوما محمد ابو رمان الى اين نتجه، فانا اجد نفسي أكثر المراقبين بخوف وحذر، لأني أدرك تركيبة الشارع الاردني واجد نفسي اتصل لساعات طويلة مع الأصدقاء المقربين مع كل خبر جديد أهاتف حسن سعيد وعماد المومني وتوفيق مبيضين وخالد عياصرة وعلي الهقيش وعبدالهادي الراجح علي أجد طمأنينة تجب تخوف، أراه بعيون الناس. وكل من ينتظر فتور ما يحدث ، لإكمال ما كنا عليه سيجد عودة أصعب مما يولد بعد صلاة الجمعة.
Omar_shaheen78@yahoo.ocm