الجانب الاقتصادي في خطاب جلالة الملك .. مرة اخرى






حجم ردود الفعل الكبيرة والمرحبة لمضامين خطاب جلالة الملك ، وتواصل كافة وسائل الاعلام المحلية والدولية بتغطية كافة القضايا التي تضمنها الخطاب ، والانعكاسات الأيجابية لأهمية ما دعا اليه جلالة الملك سواء على الجانب السياسي أم الأقتصادي أم غيره، جعلني اتناول الموضوع مرة اخرى .
وقد اشرت في مقالي السابق ان شعور المواطنين والمستثمرين بأن هناك حرصا وتأكيدا من القيادة العليا في الوطن على تحقيق العدالة و مواصلة الأصلاح بكافة اشكاله وتطبيق القوانين بشفافية ومواجهة كافة اشكال العنف ،من شأنها ان تزيد من ثقة المواطنين والمستثمرين المحليين والخارجيين في الأقتصاد الوطني وتحفزهم على اقامة مزيد من المشاريع الأستثمارية .
كما ان تزايد ثقة الدول الأخرى والجهات الدولية بالأقتصاد الأردني ،له انعكاسات ايجابية كبيرة على الاقتصاد الوطني ،منها ماهي مباشرة او غير مباشرة ،فالجهات الدولية عند اقرارها للمنح والمساعدات والقروض الميسرة لأي دولة تأخذ بعين الأعتبار حجم الأصلاحات التي تنفذها هذه الدول ، والارادة السياسية لدعم تنفيذ هذه الاصلاحات ، كما ان جهات التصنيف الدولية عند المراجعة الدورية لتصنيف أي دولة تحدد تصنيفها وتوقعاتها للوضع الأقتصادي اعتمادا على قضايا عديدة ، منها برامج الاصلاح المختلفة المنفذه ،والأستقرار الأمني والقوانين المعمول بها والخطط والبرامج الهادفة الى تعزيز الأستقرار المالي والنقدي .
وفي الجانب السياحي مثلا فأن البرامج السياحية التي تنظم من كافة الدول العربية والأجنبية لأي دولة تأخذ بعين الأعتبار عدة اعتبارات منها المناطق السياحية والتاريخية الموجودة في الدولة ،والتسهيلات والحوافز التي تقدم لهذه البرامج ، الا ان اعتبارات الوضع الأمني و العنف المجتمعي يمثل احد اهم الاعتبارات التي يأخذها منظمو هذه البرامج بعين الاعتبار عند تحديد الدول المشمولة بالبرامج السياحية لديهم ، ولا يغيب على البال ان القطاع السياحي في الاردن يعتبر احد اهم القطاعات التي ترفد الخزينة بعوائد مالية،ويعمل على زيادة تدفق العملات الأجنبية الى البنك المركزي،مما يدعم احتياطي المملكة من العملات الأجنبية ويزيد من تشغيل الأيدي العاملة ،مما ينعكس ايجابيا على الوضع الأقتصادي ،كما ان تحويلات المواطنين الاردنيين العاملين في الخارج ستتزايد كلما زادت الثقة بوجود بيئة اقتصادية امنة ومحفزة للأستثمار .
ان تأكيد جلالة الملك على السير بالاجراءات الفاعلة لمواجهة العنف بكافة اشكاله وخاصة العنف الجامعي ،من شأنه ايضا ان ينعكس على الطالب نفسه وعلى المجتمع بأكمله ،فتفرغ الادارات الجامعية الى تطوير السياسات التعليمية بهدف رفع كفاءة خريجيها من شأنه ان يرفع المستوى التعليمي للخريجين ويزيد من قدرتهم على التنافس على الفرص الوظيفية المتاحة محليا وخارجيا، وسيرفع من سمعة الخريجين الاردنيين وسيزيد من تدفق الطلاب العرب والأجانب لأكمال دراساتهم الجامعية في الأردن ،في حين أن انشغال الادارات الجامعية في متابعة الأثار المتعلقة باعمال العنف الجامعي ، واعادة اصلاح ما رتبته هذه الأحداث من تخريب في الموجودات،سينعكس سلبيا على سمعة الخريجين وسيقلل من تدفق الطلاب العرب على الدراسة في الأردن ،وسيحد من القدرة على تطوير البرامج التعليمية وتخصيص مبالغ مالية لهذه الغاية،مما سينعكس على كفاءة الخريجين ويقلل من فرص تنافسهم على الفرص الوظيفية،خاصة وأن البيانات الرسمية المنشورة تشير ان حجم البطالة يبلغ حاليا حوالي 12.8% ،واشارت هذه البيانات ان معدل البطالة كان مرتفعا بين حملة الشهادات الجامعية حيث بلغ 17.8% مقارنة ببقية المستويات التعليمية الأخرى.
شمولية خطاب جلالة الملك وتضمنه لتفاصيل كانت تشغل بال الكثيرين ،سواء على المستوى المحلي او الدولي ،او في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والأجتماعية ،او في الوضع الراهن او الوضع المستقبلي جعل منه برنامج عمل متكامل وواضح المعالم ،ورسائل هامة ستلقى اصداء ايجابية محليا ودوليا وستنعكس على زيادة النمو الأقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطن الأردني وسيؤدي الى تحقيق الهدف الذي اكد عليه جلالة الملك وهو تغيير حياة المواطن نحو الأفضل باذن الله.