اليوم صباحا وأثناء دخولي الى شركة الكهرباء في الصويفية واذا برجل ستيني على مدخل الشركة ينادي بصوت مرتف (خريطة فلسطين للبيع) ، الرجل طويل القامة أسمر البشرة تبدو على وجهه علامات (الشقاء) بوضوح ، يمسك بفمه (قمعة) سيجارة مطفأة ، اقتربت منه كعادتي (للحركشة) ودار الحوار التالي : 

أنا : قديش الخارطة يا حج ؟
الحج : ب دينارين ونص وفي ناس بتدفعلي خمسة فيها .
أنا : وااااااااااااااال كثير يا حج ...
الحج : عليها كل قرى فلسطين قرية قرية وبيت بيت ، منين انت ؟ (قام بفتح الخارطة)
أنا : من الخليل يا حج ...
الحج : من أي قرية في الخليل ؟
أنا : من قرية (سمردح ) .... وهو اسم قمت بتأليفه لحظتها لاختبار مدى المامه بالخريطة
الحج وهو ينظر للخريطة بتمعن : سمردح ... سمردح .... سمردح هاي قرية تابعة لحلحول هيها شايفها ...
أنا أنظر الى الخريطة : وين يا حج مش شايف الاسم ....
الحج : يا عمي بنقللك تابعة لحلحول بس أخذوها اليهود وسووها مستوطنة حتى بالعلامة قريتكم مشهورة في التفاح .
أنا : والدوالي كمان يا حج .
الحج : هه شفت كيف عاد . (لا أدري هنا ما الاثبات الذي ربط به الامور)
أنا : منين انت يا حج ؟
الحج : من الكرك يا عمي ..
أنا : أحسن ناس .... (لم أشأ أن أسأله من أي قرية حتى لا أقع في نفس الشرك الذي نصبته)
أنا : طيب يا حج ليش معكش خارطة للأردن بدي وحدة ....
الحج : يا عمي الاردن بقلوبنا بنعرفها بيت بيت وشارع شارع بس فلسطين أخذوها هالكلاب وخايفين الناس تنسى قراها ويضيع دم جدودنا هدر !!!!
أنا : بتحب فلسطين يا حج ؟
الحج : يا بني اللي ما بحب فلسطين ناقص ..... اذا ربنا بحبها ..... وهذول اليهود الهم يوم بس انتو شدوا حيلكم شوي ....

سرت في تلك اللحظة قشعريرة هزت جسدي وحبست دمعي عنه ، أخذت الخارطة وأعطيته ما وجدت في محفظتي وانصرفت .

يا (حج) : لك دينان في رقبتي الاول : أني سأحتفظ في هذه الخريطة لأحشوها في فم أي حاكم عربي تطاله يدي ....... والثاني : أني اذا ما حييت لتلك اللحظة التي سنستعيد فيها فلسطين من على ثرى الاردن فسأذهب وأقف على جبال الكرك وأنادي بفلسطين أنك مدينة لهذا الرجل ... فهو جزء من مهرك ....