وخزة...!

وخزة...!
فاقد الدهشة يلعن السياسة ، لماذا...؟

- بعد صلاة الفجر داهمني فاقد الدهشة ، وكالعادة طرح عباءَته على الأريكة ، عدل وضع الوسائد ، صب فنجان قهوة من الدلة ، أشعل سيجارة ونستون أحمر ، حملق في وجهي وقال : إسمع يا غبي : طُز فيك وفي السياسة ، هلكتني وأنا ألهث ورائك كي أفهم شيئا مما يجري حولنا ، وبصراحة ربِّنا ما أنا فاهم أيتها حاجة . ثم تابع قائلا : يبدو أنك كمن ينفخ في قِربة مخزوقة ، وأنت على الطالع والنازل تكتب سياسة ، تحكي سياسة ، تحاور ، تناقش وتغرق ومن ثم تُغرقنا معك في السياسة ، فيما أنت تستدين ثمن البنزين ، لعلك تجد من يسمع ، يفهم أويستوعب أن الأردن في خطر ، وأن الواقع القائم يفرض على الأردنيين الحذر .
- لا أخفي أنني شعرت بالإرباك ، خاصة وأن صديقي اللدود طالما يشمت فيّ ، إذ أكتب وأكتب ، أصرخ وأصرخ ولكن قومي كما الأطرش في الزفة ، تهتز رؤوسهم ، يتمايلون تعبيرا عن الطرب لغناء وأهازيج لا يسمعونها ، وبذلك كدت أجاري اللدود في لعن السياسة وأحاديثها ، لكنه صدمني حين قال ، هل يمكنك يا فصيح تُفهمني ماذا يجري في دهاليز السياسة ، وتحديدا فيما يتعلق بمواقف الإخوان المُتأسلمين وأذرعهم المتعددة الأسماء...؟
- واوووو ، يعني اللعين حاطط في رأسه الإيقاع بي ، جاء يلعن السياسة ، وهو يبحر في أعالي نهرها ، وهو ما دعاني لإلقاء نظرة تعجب عليه ، وسألته ألم تأت لاعنا السياسة...؟
- قهقه اللعين ، ورماني بإبتسامة شماتة صفراء ، إعتدل في جلسته ، أشعل سيجارة ورشف القهوة ، وإلتفت نحوي وقال : ألم أقل أنك غبي ، وأنك ثخين العقل كما بقية القوم تدورون حول أنفسكم ، وتظنون أن ما يجري في الأردن سياسة...؟ ، وقبل أن يستهوي إستفزازي ، عاجلته بسؤال ، إذا عن أية سياسة تسأل...؟
- زاد هذه المرة وتيرة الإستهزاء بي ، وعاد يقول : أنا الآن أتحدث عن السياسة المُربحة والتي يمكن أن تُخرجك من الضائقة المالية التي تكاد تعصف بك وببيتك وأسرتك...!!! ، أم أنك ستبقى على علاتك خليلي يابس الرأس...!!!
- واوووووووووو ، ماذا يقدح في عقل اللعين ، يعزف على الوتر الحساس...؟ ، فسألته يا عبقر زمانك وما هو نوع السياسة المُربحة ، والتي يُمكن أن تُخرجني من الضائقة المالية...؟. صمت اللعين ، عاد لطقوسه ، قهوة وسجائر ، ومن ثم قال : إن أردت أن تعرف ما يجري في روما ، عليك أن تعرف ما يجري في البرازيل ، وإن أردت أن تعرف ما يقُض مضاجعك من عجز مالي ، تفحص ما يُدبر في قطر ، أم أنك في طناش كبقية القوم...؟ ، لا تريد ملاحظةعودة الطيور المهاجرة لأعشاشها...؟
- أنا على رأي عادل إمام متعوِّيدا دايما...! ، على هرطقات فاقد الدهشة يقول شيئا ويعني آخر ، ولكن لهفتي على تأمين أجرة الشقة المستأجرة ، دفعتني للإنصات لما يهذي به اللعين ، فسألته تفسرا لما يدور في رأسه...؟
- أهها ، الآن بدأت تفهم ، فإن أردت أن تخرج من ظروفك المزرية ، بات لزام أن تضع رأسك بين بقية الرؤوس ، تُجاري زمن الإنقلاب وعودة الأمور إلى نصابها ، أم أنك لا تدري أن حركة طالبان في أفغانستان ، وهم عتاولة المُتأسلمين على سعة العالم الإسلامي ، والأشد عداء لأمريكا والغرب باتوا في حضن قطر ، وهل تشك أن قطر هي ودون غيرها المتعهدة بجلب الحركات الإسلاموية إلى الحظيرة الأمريكية ، جماعة الإخوان المُتأسلمين وعلى رأسهم حركة حماس ، جبهة النُصرة ، القاعدة وغيرها ، وأن هذا يعني أن لا خيار عن البترودولار ، وأنه الكفيل الوحيد بإخراجك من الشقة المُستأجرة ، تشتري سيارة وتبني دار وربما تُصبح ، جاهة ووجاهة ومختار...!!!
- واووو ، يريدني صديقي اللدود أن أنهي ما تبقى من العُمر ، بأن أغرق في رغد العيش ، ولو بهيئة عميل وسمسار ، لا أحد يحفلني ولا يُصبِّح عليّ صديق ولا جار . فقلت له : إسمع يا أنت ، لن أنحني ولن أخذل تاريخي ، وسأعيش بقية عمري كما عهدتني ، أقبض على جمر كرامتي ، شي غاد