من أفشل وزارة التربية ؟


احتاجت وزارة التربية إلى ثلاثة أسابيع للترويج لفكرة النماذج الأربعة في امتحان التوجيهي، للتقليل من عمليات الغش ، عبر مقابلات صحافية وإذاعية مع الأمين العام للوزارة، وكبار الموظفين فيها، لكنها لم تكلف نفسها ولو للحظة واحدة لتوضيح أسباب العودة عن القرار الذي ألغته من دون الإعلان عن ذلك.

الوزارة، بأجهزتها العاملة في امتحان التوجيهي تتحمل المسؤولية الأولى في الإرباك الذي وقع ويقع في امتحان التوجيهي، لأنها لم تعلن بوضوح سبب التراجع عن إلغاء فكرة النماذج، وإذا كان ما يقال أن ضغوطا نيابية مورست على الحكومة لإلغاء الفكرة صحيحا، فإن الحكومة أيضا ومن تدخل من النواب يتحملون مسؤولية الغش في الامتحان، لا بل هم من يشجع على الغش.

كل يوم منذ بدء امتحان التوجيهي نسمع عن مخالفات تقع في قاعات الامتحانات، وصلت حد الدخول إلى قاعات بالأسلحة، وكأن رجال الأمن المنتشرين أمام القاعات غير موجودين، فمن يساعد على انتشار هذه الأجواء في امتحان يحدد مصير حياة الطلبة، وبعد كل ذلك تكتفي وزارة التربية بالنفي، ولا تفكر بإجراءات جدية لحماية الطلبة والمراقبين، وحماية الامتحان الأهم للوزارة.

نسمع أن وسائل الغش تطورت واستفادت من التطورات التكنولوجية لأجهزة الهواتف، بحيث يتم استغلالها في تهريب الأسئلة إلى خارج قاعات الامتحان لأشخاص جاهزين لحلها وإعادة إرسالها من جديد، فإذا كان هذا صحيحا، وهو صحيح بالتأكيد، ولا تنفيه الوزارة ، فلا ادري ما هو المبرر الذي لا تتشدد فيه الوزارة بإدخال أجهزة الهاتف أو أية أجهزة الكترونية أخرى إلى قاعة الامتحان؟

لقد خضع امتحان التوجيهي في الأردن إلى تجارب نقلها وزراء التربية كل على طريقته الخاصة، ففي السنوات الأخيرة جرت تعديلات على أسس الامتحان، لا يمكن أن تصنع طمأنينة لدى الطلبة ولا لدى أهلهم، بل إن معظم الأردنيين لم يعودوا يعرفون أسس الامتحان ولا طريقة اختيار المواد الدراسية، حتى أولياء أمور الطلبة ذاتهم مصدومون من جهلهم في التغييرات التي وقعت على الامتحان وهم لم يتمكنوا من متابعتها.

ليست أسس الامتحان فقط التي أصابها الإرباك، بل طريقة تقديم الامتحانات، فلماذا يحتاج الطالب إلى نحو الشهر ليقدم المواد المطلوبة منه، وما مغزى أن يكون بين الامتحان والآخر أربعة أو خمسة أيام؟
حتى قضية إعلان نتائج التوجيهي، لا احد يعلم لماذا تحتاج إلى نحو الشهرين لاستخراجها، وفي دول أخرى، عدد طلابها خمسة أضعاف طلبتنا كالسعودية ومصر مثلا، لا تحتاج سوى أيام قليلة، وفي دول أخرى تعلن النتائج بعد يومين من تقديم آخر امتحان، ومع كل هذه المدة التي تصرفها الوزارة لاستخراج النتائج، إلا أن نسبة الأخطاء ليست قليلة، ولنا تجربة مؤلمة قبل سنوات.

إذا كانت وزارة التربية، والحكومة من ورائها، لا تستطيع ضبط امتحان بمستوى امتحان التوجيهي، وأصبح قضية فعلا مربكة للجميع، فكيف بالله عليكم سوف يتم ضبط شؤون البلاد العامة، وتحت كل قضية بسيطة كانت أم كبيرة، توقد أجران النار، ولا احد يدري متى ستشتعل وتلتهم الأخضر واليابس؟

osama.rantesi@alarabalyawm.net