التّويسة… والتونسة من الظاهرة الاجتماعية (السيسيولوجيه) إلى الظاهرة السياسية
التّويسة… والتونسة
من الظاهرة الاجتماعية (السيسيولوجيه) إلى الظاهرة السياسية
….لطالما عتيق الفكر تعشق قديم المقاهي، مثلما الضوال من السفن تعشق مهجور المواني .
أودعت قلبي أرضِ( البوعزيزي) ميمماً تغريبتي العلمية، تلقاء الأوراس، وجبال طوبقال، والمقصد (البرينيه او البرنس ) (أرض القلوا) أو أرض الغجر أصول الامة الفرنسية، ومنها مسمى السجائر( علبة السجائرالقلواز) محط انتباه والتفاتة صبايا الحي من امثال فضه وحليمه ومنيفه، ولربما يسترعي إنتباهة ميمي وفيفي وسوزي وريري، (موقع الدلع) وان شئت فقل معي (مُمِضْ الوجع) .
هاهي (توربواتيه - Tour poitter) (بلاط الشهداء) مرابض أحصنة خيل الغافقي الغافيه ، باديةٌ للعيان تطأطئ الرأس حيال مشهدها؟! والتي سندلف منها إلى مدينة وادعةٍ، يحتضنها الأطلنطي، يكاد ليبدي به لولا أن ربط الله على قلبه لقادمٍ من الشرق وجلاً من ان تستيقض فيه نخوة الغافقي ، إلا أن الذي هدأّ من روعه، أنني من جغرافيةٍ لا يملك حصادها (حوره ولا منجل) أي لا حول له ولا طول، أو كما هو محكي التوانسة (جوا بلا منجل) فشهوة التاريخ خمد أوارها فينا، وليس عجيباً فقسمة الجغرافيا كانت من لدنا (ضيزى أي قسمةٌ نحس) .
فمدينة رويّان (Royan) مجمع بورجوا (برجوازي) أوروبا في خريف أعمارهم وقد نزلتها خريفاً فأجتمع لي من السعد خريفان، سكانها يهربون من ضجيج ماكنة المدينة يحيونك إن أنسوا منك وداعة ….وتركتها إلى مدينة (ليون) وأُناسها أهل تظرف ووداعه، غير باريس الكشكول، لأقوم بتسجيل موضوع الدكتوراة لمخطوطٍ عربي من أعيان القرن التاسع الهجري، راودته كثيراً في فهم ألفاظه إلا أنه تأبىّ في كثيرٍ من رسم خطه، ومفردات ألفاظه، مثلما هي الحرائر تتأبى على السوقة والأقنان (العبيد)، كان منها الجموح والشموس، وفي كثيرٍ من أحيانه يرمحني مولياً وقد أذاقني بعض فواق، ومن ألفاظه (ألتويسة)، ولفك هذا الطلسم اختلفت رجلايَ إلى كثيرٍ من أعلام وقامات السوربون : سورديل ونيكيتا أليسيف وعالم الاجتماع رشدي فكار ليسلس قياد (ألتويسة)، ولم أجد ضالتي إلا في غرف (الغاز) المقاهي العتيقة مهاجع المهاجرين من مغربنا العربي، ومجتمع الجيل الأول والثاني في أوروبا ….وذات صباح والقهوة تجمعنا لِنصب فيها وجعَ (ألهناك)... سمعت الحاج (كرينينو) ينادي صديقاً له (بلعربي) وبلكنةٍ مغاربيه: (آآسي بلعربي! وش غادي نتوسوا دمى) ففهمت كلمةً واحدة رغم رطانتها وهي (دما) وهي غداً بالفرنسية أي (بكرة). وسألته عن الثانية (نتوسوا) قال لي: يا ولدي هذا عرفٌ جرى عليه المغاربة منذ قديم الزمان عندما يتأخر الحرث عند واحدٍ من الفلاحين فيهب الجميع لمعونته خوفاً من فوات الموسم، فقلت في نفسي: لعمري إن الخاص يفتح على العام والشعبي يفتح على السياسي مغالق التأويل ويغلق على الديني مساقط فتات السلاطين.
لقد قدم المغاربة نموذجاً من فكر (الحوليات) الذي ينبري لمعالجة الأزمة والجائحة ومما ينتاب الاجتماع من (الوظيف المخزني…كثرة الضرائب والظلم السلطاني وغلاء الأسعار وفوات الأستراتيجي من حياة الناس) كان يطرح المغاربة أُطراً للتغير وللخلاص من الطاغية وليس عجيباً فهذه سنة التاريخ فالأمر بالأمس كان (ألتويسه) والتي تؤسس إلهاماً ثقافياً وبؤرة عمل يصدر عنها أهل تونس في ظاهرتهم ألسياسية أليوم ألتونسة.
كم على هذه الرمال من مغناة حبٍ لعاشقين حسباها ساعة الخيال أنها شاطئ أمان،
أشهدي النور والظلال واذكري دورة الزمان ….كل شيءٍ إلى زوال ليس للملتقى أمان،
لا تسأليني فكم أهل الهوى سألوا : هل يصدق الدهر فيما يرسم الأمل؟
وهل يطول بأحلام الهوى ألأجل …..لا تسأليني أني خائفٌ وجل،
لا ينقص البدر إلا حين يكتمل.
الدكتور.بسام الهلول holol74@hotmail.com