توم وجيري

 
يسارخصاونه

احذروا جيري بكذبه، وفساده ،وفتنته وطغيانه، واحذروا كل أتباعه والمصفقين له فقد أسكن روحه فيهم ، وهو منذ وُجد مرسوماً يعمل على قلب الحقائق ، وتزوير المعلومات ،، بالحيلة الخادعة ، والغدر المبرر يغلب دائماً توم صاحب الحق في طرحه لمتطلبات وجوده ، هذا الجيري الفأر الصغير الحجم الذي خُلق رسماً متقناً حتى يقلب الحقائق ، ويغيـّر طبيعة الأشياء ، ويساعده عند الشدائد الكلب ، بأنيابه الذئبية ، وجسده الدبّي ، وجيري كما يعلم متابعو قصصه مثلي ، يظهر أحياناً يحنو على فرخ البط من هجوم توم ليوهم المشاهدين أنه رؤوف بالأطفال ، واحذروا أيضاً باباي القبطان الضعيف في كل شيء ، لكنه يصبح سوبرمان إذا تناول عضة سبانخ ، ضمن إطار هاتين الشخصيتين تُعلم أمريكا أطفالها ، وكأنها تزرع في نفوسهم شخصيتي جيري وباباي ، وتقول لهم : ... وإن كان الواحد منكم فأراً فإنه حين يقلب الحقائق ، ويزور التاريخ ، ويسرق الحضارات ويطلب مساعدة الكلب ثم يحنو على الأطفال فهو الأول وسوف يحترمه العالم ، وتقول أيضاً : وإن كان الواحد منكم باباي الضعيف جسدياً وفكرياً فهو بسبانخ الخليج العربي قوي ، ويستطيع التغلب على الأقوياء ، نعم ، هكذا تُبنى شخصية الطفل الأمريكي الذي لا يخجل من " فأريته " فهو قادر على جعل الفأر أقوى بكثير من القط ، وقادر على جعل الكلب محامي الدفاع عنه ، وقادر على التمثيل بحب الأطفال ، فأي شخصية هذه التي سوف يواجهها العالم ؟
لم تترك العقلية الأمريكية طفلها طفلاً ، بل هي تسير معه في مراحل حياته كلها لتطبع هذه الشخصية بطابعها ، ففي مرحلة المراهقة أنتجت له شخصيتي السوبرمان والباتمان ، لتدغدغ ما في نفسه المراهقه من عرض بطولاتهم ، وعند وصوله إلى مرحلة الرجولة قدمت له صورة الأمريكي الذي لا يقهر ، فمثلاً بمسدس واحد يستطيع قتل مئات الناس ، وفي أفلام الكاوبوي أيضاً قدمت له نفس النموذج ، وفي الأفلام البوليسية فهو المحقق الذي لا يخطئ ، وعند وصوله إلى مرحلة النضج قدمت له أفلام الخيال العلمي لتقول له أنت متفوق علمياً على الجميع ، وهذا الكلام صورة عن الطرح الهتلري الذي قال بالتفوق العرقي ولكن بثوب حضاري .
احذروا توم ، ولا تُصادقوا الكلب الذي يساعده ، ولا تغتروا بقوة باباي أو سوبرمان وباتمان ، وأعيدوا النظر فيما تُشاهدون
ملاحظة هامة : هذا المقال اعتمد على نظرية تقول : إن للتلفزيون دوراً في صناعة الشخصية.