قرار هزيل بشأن الكهرباء


في أحد السيناريوهات التي رسمتها الحكومة لاقتصاديات شركة الكهرباء الوطنية (مؤسسة حكومية 100%) فإن الخسائر المتراكمة ستصل في عام 2017 إلى 5ر7 مليار دينار ، ممولة بديون مكفولة من الحكومة ، وتضاف إلى إحصاءات الدين العام الذي تجاوز الخطوط الحمر، وأصبح يهدد أمن واستقرار الاقتصاد الوطني.

المقصود بهذا العرض أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار ، فهو يمثل سياسة انتحارية لا يجوز أن يسمح مسؤول لنفسه بممارستها. بعبارة أخرى فإن رفع التعرفة إجراء لا بد منه لتخفيض الخسائر. ويبدو أن طموحات الحكومة لا تتجاوز تخفيض الخسائر المتراكمة إلى 3ر3 مليار دينار في 2017 ، وهو مبلغ يبقى كبيراً وغير مقبول.
خلاصة هذه السيناريوهات أن قرار رفع أسعار الكهرباء يجب ان يتخذ بسرعة ، لأن تأجيله يعني استمرار الخسائر بمعدل 5ر96 مليون دينار شهرياً أو 2ر3 مليون دينار يومياً أو 133 ألف دينار في الساعة!.

على ضوء هذه الإيضاحات كما قدمتها الحكومة ، يتوقع المراقب أن يصدر قراراها على الفور ، وكان موعده الأصلي في نيسان ولكن الحكومة توسلت لصندوق النقد الدولي لتأجيله حتى تموز ، وتريد الحكومة الآن أن تتوسل للصندوق مرة أخرى لكي يوافق على تأجيل الرفع إلى العام القادم اكتفاء بقرار هزيل لا يوفر أكثر من 50 مليون دينار في 2013.
تأخذ الحكومة بهذا القرار بعد أن قدمت الارقام والمعلومات التي تثبت أنه قرار خاطئ ، وأن هدفه سياسي وإعلامي وليس مالياً او اقتصادياً ، حيث أنه يسمح باستمرار النزيف لمدة أطول ، وكأن صندوق النقد الدولي أحرص من الحكومة الأردنية على تدارك الوضع المالي المهدد.

آخر مشاريع الحكومة لعام 2013 يمكن تلخيصها بعدم رفع التعرفة على القطاع المنزلي ، وعدم رفع التعرفة على القطاع الزراعي ، وعدم رفع التعرفة على قطاع الصناعيين الصغار لغاية 10 آلاف كيلو وات ، ورفع التعرفة على باقي الشرائح بنسبة تتراوح ما بين صفر إلى 15 بالمائة.

إذا أخذت الحكومة بهذا الخيار ، الذي يكاد يصبح نهائياً بانتظار انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء ، فإن الهدف الوحيد الذي يحققه هو التظاهر بأن الحكومة وفت بوعدها ، ونفذت التزامها ، ورفعت أسعار الكهرباء لتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية ، فهل ينجح وزير المالية في اقناع صندوق النقد الدولي بقبول قرار هزيل كهذا لا يكاد يخدم غرضاً سوى حماية شعبية الحكومة والنواب؟.