تناقضات الإسلاميين يوم الجمعة


بالإضافة للالتباس المعرفي بين الشريعة كمصدر أساسي في الحكم عند الإسلاميين وبين مشاركتهم أو دعوتهم لقوانين مدنية في الانتخاب والحكم، فمن جملة ما سمعناه على لسان بعض قادتهم في مسيرة الجمعة شعارات وتصريحات ضد الثورة العربية الكبرى وضد الوحدات الأمريكية المشاركة في مناورة الأسد المتأهب والتي يقال إن بعضها سيبقى في الأردن أو قبالة العقبة لمراقبة الوضع في سورية والتدخل فيها في ظروف (ملائمة). أما وجه التناقض في كل ذلك فيتمثل فيما يلي:-
1- تأكيدهم على احترام شرعية الدولة الأردنية ومرجعيتها التاريخية، وقيامهم في الوقت نفسه، برفع شعارات ضد الثورة العربية، التي تشكل شرعية ومرجعية هذه الدولة. وهو ما يؤشر على كل ما نقوله ونكرره من أن تركيا الإسلامية وتدخلاتها في كل مكان جزء من مشروع أمريكي يستهدف تشكيل الشرق العربي ووضعه في إطار استراتيجية عالمية للسيطرة على خطوط الغاز والنفط والموارد ومنع روسيا من الاقتراب من المياه الدافئة والتعويل على دور تركي عثماني في هذه الاستراتيجية يستدعي إعادة الاعتبار لهذا الدور ومسح آثار الثورات القومية ضده بما فيها الثورة العربية وسواء كانت مستقلة أو جزءا من حسابات بريطانية وفرنسية في حينه..
2- ان الثورة العربية الكبرى اندلعت ضد حزب الاتحاد والترقي (العلماني) الذي أطاح بالخلافة.

3- رفع الجماعات الإسلامية للعلم الأردني وهو علم أول دولة عربية من نتائج الثورة المذكورة، وهي الدولة السورية بزعامة الملك فيصل الأول.
4- إدانة قادة وإسلاميين مشاركين في المسيرة للوحدات الأمريكية المذكورة، فيما يدعون للتدخل الأمريكي في سورية ويأخذون على إدارة اوباما تردده في اتخاذ مثل هذه القرارات.
5- وبالمقابل، وفيما يخص شرعية الثورة العربية الكبرى، يلاحظ أن الدولة نفسها مرتبكة إزاء هذه المرجعية حتى ان الإعلام الرسمي وهو يحتفل بذكرى هذه الثورة لم يشر بالاسم مرة واحدة للأتراك وكأنها ثورة ضد أشباح.. ولم يلحظ هذا الإعلام أن كل وجود أمريكي أو دعوة للخطر الجوي فوق درعا أو غيرها هو تعزيز لسيناريو التوسع العثماني الجديد وجماعات الإسلام الأمريكي التي بات الأردن على جدول أعمالها.

ولم يكن الهجوم على مرجعية وشرعية الدولة الأردنية (الثورة العربية) في سياق التواطؤ المعروف بين هذه الجماعات وتركيا العثمانية بعيدا عن استكمال تحطيم العراق ثم سورية ثم الأردن في إطار تقاسم عمل تركي - صهيوني برعاية أمريكية للمنطقة كلها..