العشائر.. بعيون الملك!



تحمّلت العشائرية في الآونة الأخيرة الكثير من الحملات الإعلامية الممنهجة التي قادها العديد من المتكسّبين، والطارئين على الوطن، فحمّلوها الفوضى الاجتماعية التي طالت البوادي، والأرياف الأردنية، من عنف جامعي، و تعطيل دوائر الدولة الحكومية، فضلا عن العصيان، و زعزعة الأمن، وتأخير الثورة الإصلاحية التي تدور رحاها في مطبخ الحكومة الاقتصادي، وقد تكون العشائرية أيضاً سبباً في تأخير محاكمة الفاسدين، وربما أيضاً السبب الرئيس في الحراكات الاحتجاجية التي طالبت في إقصاء العابثين بأمن الوطن الاقتصادي، والاجتماعي وتقديمهم إلى مهاجع السجون صاغرين.

ومن مؤتة جاء الحسم ملكياً هذه المرة لإيقاف تلك الأصوات التي نالت من عشائرنا الأردنية، وبخاصة من جهات حاولت الصيد في ـ الماء العكر ـ حيث قال جلالته" لم تكن العشيرة في أي يوم سبباً للفوضى، أو العنف، أو الخروج عن القانون" لأنه بكل تأكيد لا تسمح بنيتنا العشائرية أن ترتدي ثياب العنف، والفوضى، وأن تذهب بالبلاد للمجهول، وهي نفسها من ساهم في بناء الدولة، ودافعت عن انجازاته، وتربّصت لكل عابث حاول المساس بأمنه، والنيل منه ليبقى ضيعفاً، عاجزاً عن مواجهة العواصف السياسية، والأزمات الاقتصادية.

وقد تكون العشائر قد ارتكبت بعض الأخطاء وبخاصة في اختيار من يمثّلهم في العاصمة عمان، ويدافع عن حقوقهم، ويجلب النفع لمناطقهم المنكوبة، ولكن يبدو أن هوى عاصمتنا الحبيبة قد سحرهم، وكرسي القيادة بهرمهم، والحدائق الغنّاء أنعشت فؤادهم، وبرك السّاونة غيّرت من أفكارهم، ولقب الرمزية غرر بأحلامهم، فتناسوا بوادينا، وأريافنا، فأصبحوا بحكم السائح المعجب بالتراث، والمندهش من جودة القهوة العربية، والعباءة البدوية.

ومع ذلك خالفت الحكومات المتعاقبة عبرـ عقود مضت ـ الكثير من القرارات الإصلاحية، والتي من شأنها إنعاش المناطق التي تقع تحت خط الفقر، لأنها بعيدة كل البعد عن عيون الصحافة، والكاميرات التلفزيونية، والبهرجة الإعلامية، وبالتالي قد لا يغنمون من عوائد مشاريع تقبع في الإطراف، أم هي سياسة الإقصاء التي طالت المناطق العشائرية من المناصب، والتنمية، وغيرها من المنافع الأخرى، والتي انتهجتها بعض التيارات خوفاً على مصالحها، أو خشية من فضح أساليبها وتعّريتها أمام الرأي العام.

انتظرت العشائر الأردنية كثيراً لقطف ثمار برامج التحول الاقتصادي الذي قاده مجموعة من الجرّاحين الذين لا يفقهون بالاقتصاد شيء، بل جاءوا لتطبيق وصفات اقتصادية جاهزة من صناديق عالمية، هيمنت على سيادتنا الاقتصادية، ممّا دفعوا بالوطن إلى أزمات اقتصادية خانقه، حيث طالت سياساتهم الشركات الأردنية الإنتاجية، والشواطئ السياحية، والمطارات، والواجهات العشائرية، ولم تنل مناطقنا وأريافنا إلا المزيد من طوابير الشباب العاطلين عن العمل، وارتفاع منسوب الفقر، والبطالة، حتى وصلت أحياناً إلى إقصاء النفس كالانتحار نتيجة اليأس من الحياة. وفي المقابل جهات أخرى تربّعت على هرم الأثرياء، ويتمتعون ما طاب من الخيرات فقصورهم تعتلي روابينا، ومنتجعاتهم السياحية سحرت بجمالها ضيوفنا.

نعم! بغياب العدالة الاجتماعية بين أبناء الشعب الواحد، وتوزيع المغانم، والمكاسب على جهات نافذة، وإبقاء مدن الإطراف بعيدة عن التنمية، والمشاريع الإنتاجية كل ذلك يسهم في ارتفاع منسوب العنف للمطالبة بحقوقهم، وقد يكون مؤشراً خطيراً قد ينال من الانتماء، وحب الوطن، في ظل مجموعة أبت أن توصل رسائل النقد، والتململ من سياسات الحكومات المجحفة بحق الأطراف إلى صانع القرار.

إذن العشائر! لا تتحمل تلك الفوضى، وموجات العنف كما أشارـ جلالة الملك ـ، لأن بنيتنا العشائرية لا تقبل ذلك ،ولم تكن عشائرنا يوماً إلا الجندي الأول في الدفاع عن الوطن، والاعتزاز بقائدهم على الدوام، ولن تسمح للعابثين من التطاول على أمنه، لأنهم الأهل والعشيرة الكبيرة كما قال ـ جلالة الملك ـ ومع ذلك لن تبقى صامته اتجاه من يحاول أن يبقى الوطن ضعيفاً من خلال السلب، والنهب، والمتاجرة بمدّخرات الأردنيين، وأموالهم، فسوف تكون لهم العشائر بالمرصاد ووفق القانون المتاح، وتقديمهم للعدالة مكبّلين صاغرين.
رياض خلف النوافعه