إنها مجرد خادمة يا سادتي..


خالد أبو الخير 

جاءت من أقاصي الدنيا لتكسب لقمتها وحفنة من المال ترسلها إلى أسرتها أو تدفع بها "دوطتها" إلى عريس المستقبل، أو تسدد تكاليف تعليم أخ أو ابن في الجامعة. جاءت مستبشرة، يحدوها الأمل ببلاد جديدة وأناس جدد وباب رزق جديد.
تركت بيتها وحيها وبلدها، أهلها وأصدقاءها وأترابها، سعيدة بعقد آتاها من ما وراء البحار، يقضي أن تعمل خادمة منزل لمدة عامين، تعود بعدها وقد حققت جزءا يسيرا من أمانيها التي يصعب تحقيقها. 

هي إنسانة من لحم ودم، تشعر وتفهم وتتأثر وتتألم، فيما يصر رهط من كفلائها في حالات على كونها مجرد آلة تعمل وتدور..
كثير من الخادمات يسر الله لهن كفلاء وعائلات احتضنتهم وتعاملت معهن معاملة إنسانية مستمدة من ديننا الحنيف وقيمنا التي تعلي من شأن الإنسان، وقلة للأسف.. واجهن مصاعب وتجاوزات بل اعتداءات في أحيان، حولت أحلامهن البسيطة الى كوابيس اكبر مما يقدرن أن يحتملن. 

يعملن في الغالب بدوام كامل، وبدون إجازات، تستيقظ فيه الخادمة مع الفجر، وتمضي النهارات في عمل لا ينتهي بين كنس وجلي وغسل ومتابعة الأولاد وأحيانا طبخ.. ويصلن في منتصف الليل الى أسرّتهن، متعبات يحلمن ذات الحلم، مشهد عودتهن الى بلدهن الذي يعشقن. 

والأنكى ان عصابات باتت تتصيد هؤلاء الخادمات، تختطفهن بالكلام المعسول والوعود التي تشجعهن على الهروب من منازل مخدوميهن للعمل في مكاتب غير مرخصة، وبشكل يومي، او في مهن تسيئ لهن ولصورتهن.
هن ضحايا في كثير من الأوقات، فنحو ثلاثة آلاف خادمة منزل معمم عليهن بأنهن هاربات، وكم خادمة غادرت البلد دون ان تقبض بقية رواتبها؟ وكم خادمة ألقيت على الرصيف لسبب أو لآخر، ومثلهن من لجأن إلى سفارات بلادهن يشيكن ما وقع لهن. 

أعرف أن ثمة جوانب سيئة لبعض الخادمات، لكنهن في غالبيتهن يأتين بسيطات حريصات على تمام غربة السنتين أو أكثر بخير وحب وسلام، وان يعدن وفي أيديهن مال تغربن من اجله.
رفقا بالخادمات.. فإنهن بحاجة إلى هذا الرفق.