قدرت الحكومة معدلات التضخم لسنة 2013 بحوالي 7 بالمائة ، وهي نسبة مرتفعة نسبيا ، لكنها الى حد ما تبقى مقبولة اقتصاديا من حيث التعاطي معها.
الحكومة وعلى لسان اكثر من وزير اقتصادي اوضحت ان رفع اسعار المحروقات سيساهم في زيادة التضخم بحوالي 1.5 بالمائة ، ليصبح المعدل العام للتضخم بحدود ال 8.5 بالمائة ، وهي نسبة مرتفعة ومقلقة من ناحية اقتصادية لعدة اسباب.
التضخم المرتفع يولد ضغوطا على العملة الوطنية ، وتتقلب اسعار الصرف ، وتزيد الضغوط على ميزان المدفوعات الذي سيتسع عجزه بسبب المنافسة غير العادلة مع السلع المستوردة التي ستكون ارخص ثمنا من نظيرتها المحلية ، وبالتالي تتلقى الصادرات الوطنية ضربة موجعة بسبب ارتفاع اثمانها التي لن تمكنها من المنافسة .
وجود معدلات تضخم عالية يعني ان جزءا كبير من الطاقة الانتاجية الصناعية ستتعطل او ستواجه مازقا تسويقيا لمنتجاتها ، وبالتالي سينعكس ذلك سلبا على معدلات البطالة ، لان فرص العمل التي يجب على الاقتصاد توليدها ستواجه تحديات كبيرة ، بسبب لجوء الكثير من الجهات الاقتصادية الى اعادة هيكلة اعمالها .
التضخم العالي يجعل عمليات الادخار للمواطنين والمستثمرين تكون في العادة بالعملة الاجنبية خاصة الدولار ، مما يفقد الثقة بالعملة الوطنية في مجال الادخار .
الاثار السابقة هي حقيقة واقعة في معظم البلدان التي ارتفعت بها معدلات التضخم الى مستويات مقلقة ولم تتمكن من السيطرة عليها او الحد منها ، وهو ما اثر سلبا على المناخ الاقتصادي للدولة والبيئة الاستثمارية فيها.
يجب ان لا ننسى ان التضخم العالي يعني ان اصحاب الاجور الثابتة يتاثرون سلبا بسبب ارتفاع اسعار السلع والخدمات ، اضافة الى خسائر المودعين لاجل طويل ، لان ودائعهم المالية بالعملة الوطنية ستتاثر سلبا وتفقد جزءا من قيمتها الحقيقية .
بالنسبة للاقتصاد الوطني ، فان السيطرة على التضخم فيه صعوبة كبيرة ، لان اسباب التضخم بالنسبة للاردن معظمها اسباب خارجية لا قبل للحكومة بالسيطرة عليها ، كما ان المملكة دولة مستوردة لاكثر من 95 بالمائة من احتياجاتها، وبالتالي لا بد ان تبحث الحكومة عن وسيلة للحد من تداعيات التضخم السلبية على الامن المعيشي للمواطنين.
من ابرز الوسائل المتاحة محليا هو تفعيل الرقابة على الاسواق من خلال نظام رقابة يحد من لجوء بعض التجار الى وضع هامش ربح مرتفع غير مبرر وليس في كلفة دخل المواطن ، فتعزيز الرقابة على الاسواق والارتقاء بوزارة التموين التي عادت دون اي عمل الان ، وتمكينها من تنظيم حركة الاسواق خاصة حول السلع الرئيسية يحقق اثارا ايجابية على تجنيب المواطنين للكثير من تداعيات التضخم غير المبررة في بعض الاحيان.
تعزيز شبكة الامان الاجتماعي خاصة في المناطق النائية ، والاعتماد على قاعدة بيانات احصائية دقيقة يسهل على الحكومة ايصال الدعم الى مستحقيه ، وتخصيص باقي اموال الدعم الى مشاريع انتاجية في المحافظات والمناطق التي تحتاج الى تعزيز جهود التنمية فيها .
في النهاية لا يمكن ان يواجه الاقتصاد الاردني تداعيات التضخم السلبية دون ان تكون هناك اجراءات حكومية لحماية الامن المعيشي للمواطنين والحد من ارتفاع الاسعار والمحافزة قدر الامكان على القوة الشرائية للدينار الذي يحتاج في النهاية الى مناخ مستقر وهو ما تحظى به المملكة.
Salamah.darawi@gmail.com