معالي وزير التربية : خطأ المعلمة تم تضخيمه لصالح من ..؟
بالفعل لقد اجمع كل من رأى الفيديو المتعلق بالمعلمة التي أهانت الطالب في صفه الأول على أن هذا التصرف غير خلاق ولا يمثل جزءاً من نظام التعليم الواجب تطبيقه ، وبغض النظر عن ما يقال بأن الفيديو مفبرك أو تم إخراجه بصورة فنية تظهر المعلمة بصورة الوحش الكاسر ، فقط ما أوده في هذه المرثية أن أضع كل من جعل من هذه الحادثة غمامة سوداء تثير الإشمئزاز .. أنكم مبالغون وجلكم الأكبر لم يكن مدركاً الى أن حقيقة هذا التضخيم كان من وراءه غاية وللأسف الشديد غفل عنها ساسة وزارة التربية المتناسين لكل السلبيات المحيطة بإدارتهم التي تنعكس لا على الطالب في الصف الأول الذي عنف فقط بل على كل من تدوس قدمه أرض مدرسة من مدارس هذا الوطن .
نعم أيها السادة المطبلون لقد أخطأت المعلمة ولكن الأخطاء الأخرى من سيثور عليها ؟ أجزم وإياكم لا أحد .. أتعلمون أيها الأعزاء أن النظام التعليمي في مدارسنا متطور إلى حد كبير بصورة ورقية فقط والإنجازات تلو الإنجازات لا تتجاوز التطبيق الورقي والمخاطبات بين الإدارات التي أكل من جسدها الترهل الإداري وفوضى التعيينات في وزارة التربية والتعليم ، والمضحك في الأمر أن يخرج رجل بقامة الدكتور خالد الكركي الذي ظلم في هذا المنصب ليقول للصحافة أنه سيتم وضع أسس جديدة وشروط لتعيين المعلمين !! وأنا أجيبه يا معالي الوزير هذا الأمر ينطبق على وظيفة جاذبة لا طاردة في ظل نقص كبير في التخصصات العلمية على وجه الخصوص ، لأن كل من مارس مهنة التعليم تجد في نفسه الحسرة على واقع التعليم في المدارس التي ضجت بالشعب المكتظة بالطلبة ، وفي ظل سياسة تطالب المعلم بملء الإنجازات على الورق فقط ، دون أي إلتفات بصورة حقيقية لمدى التطبيق ، مع العلم أن التطبيق إلى حد كبير غير ممكن في ظل وجود مطالبات يتوجب على المعلم إنجازها ، ولكنه لا يجد الكرسي ليجلس عليه لمجرد كتابة هذا الإنجاز الخرافي .
كان من الأفضل يا معالي الوزير لو أن قضية هذه المعلمة لم تضخم إلى هذا الحد الغير مبرر ، فلو كنتم أنتم معصومون من الخطأ لما تجادلنا ، ولكن الأمر أكبر من ذلك ، ألم يدر في ذهنكم أن تهويل ضرب الطالب في الشريط المخزي سيمس سمعة المعلم في الصميم ، ألا يكفي يا معالي الوزير ما يناله المعلم من إهانة وتحقير في كل يوم ، ألا يكفي المعلم ظروفه السيئة التي يعيشها في ظل أجور متدنية جدا لا ترقى إلى مستوى الجهد الذي يبذله ، هل وفرتم يا معالي الوزير للمعلم كل سبل الراحة ليقدم لكم ما تريدون من إنجازات المنظمات الدولية ؟؟؟؟ ألا تعلم يا معالي الوزير انت وصحبك الكرام أن المعلم محبط نفسياً في عمله لأنه لا يجد المسؤول عنه أول المدافعين في حالة الخطأ ، ألا تعلم معاليك أن أناساً ذو أخلاق رثة من السهل عليهم ان تطأ أقدامهم أي مدرسة ليقدموا صكوك الاهانة والتهديد للمعلم ، وهو بالطبع يحتمي بقوانين الوزارة البالية ، ألا تعلم معاليك أن المجتمع أصبح ينظر إلى المعلم بصورة غير رفيعة ، بفعل العوامل السابقة وأضف إليها حوادث مشابهة لقضية الطفل .
معالي وزير التربية .. اعلم أن شخصكم من الذين يضرب بهم المثل في الصدق والشجاعة ولست إلا من المتأثرين بكتاباتكم في حياتي الجامعية ، ولا أنكر غضبي من قبولكم الإنضمام لحكومة سمير الرفاعي التي لا تمثل الشارع الأردني ، ولكنني أود أن أؤكد لك أن القضية المتعلقة بضرب الطفل ليست إلا نقطة سوداء في بئر النفط الكالح السواد الذي تعيشه مدارسنا ، ولا أعتقد أن المشاعر الخفية عند البعض تحركت فقط من باب الشفقة والرأفة لطفل صغير ؟، بل الغاية غير ذلك ... ولا ادري إن كنت مقنعاً بقولي ولكنني أتصور أن مهنة التعليم أصبحت تخضع لإعتبارات سياسية تقول : أنه لا بد ان يبقى المعلم منقاداً للقوانين التي لا تأتي بصالحه بشيء لأن الحقيقة تؤكد على ان راحة المعلم تعني تولد أفكاره وزيادة مخزونه ونهجه الثوري !!! الذي سيجعله يؤثر على الطالب مما سيزيد درجة الوعي لديه من معرفة الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي الذي لا يمثل حقيقة العدالة في المجتمع ، وبالتالي سينهض لدينا جيل واعي مدرك لكل تلك الأمور ، وسيكون شوكة في حلق حكومته ويتعبها بالتظاهر والإحتجاج والقول بكلمة الحق ؟؟؟ المطلوب هنا يا معالي الوزير هو تنشئة جيل ينقاد للتقليد الأعمى والتأثر بالفن الهابط بعيداً عن دوشة الرأس للحكومة ، اما المعلم فلا بد من تركه عرضة للمساءلة في أي زمان ومكان وأخذ هفواته على أنها خطأ مدمر ، فالمعلم الأن يطالب بإعادة إحياء نقابته الحق الشرعي له ، ولذلك لا بد من دس كل السموم التي تنتقص من حقه لتجد أفراداً كانوا مؤيدين ومساندين يعارضونه إن شاهدوا الفيديو وأمعنوا في الضجة الإعلامية التي حدثت وتشكيل اللجان التحقيقية وإستشارة ميليس المكلف قبل فترة بملف مقتل الحريري ؟، لعله يشير عليهم بالواقعة كما هي الحقيقة الفعلية !! .
لقد أخطأت وزارة التربية والتعليم بتصرفها المضحك في هذه القضية ، وكان من الاجدى لو انها نظرت الى نفسها اولا ، ومن ثم تصلح كل خطأ يقترف .