الأردن مهدد بانهيار اقتصادي في حال نشوب حرب بالمنطقة


محمد علاونة

لا يخفي مسؤولون حكوميون مخاوفهم من انهيار اقتصادي يمكن أن ‏يتعرض له الاردن في حال نشوب نزاع واسع النطاق في المنطقة ‏يمكن أن يتحول إلى حرب شاملة في حال قررت الولايات المتحدة ‏الامريكية التحرك العسكري لحسم الأزمة السورية.‏
يبدو أن عواصم عربية وغربية ابلغت ببدء التحرك الفعلي ‏تجاه ‏الحسم في الأزمة السورية، هذه المرة على الطريقة ‏الامريكية ‏وعلى امتداد الحدود مع الاردن.‏ 

واشنطن التي استبعدت بقصد أو بدون من سيناريوهات ليبيا ‏واليمن ‏ومصر وتونس، تجد نفسها حاضرة بقوة وأحاكت خطة ‏متكاملة ‏لتغيير الوضع الحالي حتى بالقوة.‏ 

لكن الدولة العظمى غفلت كثيرا من المعطيات المهمة كونها ‏تجهل ‏بالتحديد ارتدادات أي حرب يمكن أن تشتعل في المنطقة ‏وامكانية ‏دخول "إسرائيل" في اللعبة ضمن المخطط الاساس أو ‏اضطراريا ‏فيما بعد.‏
يستذكر هؤلاء ارتدادات حرب الخليج التي أفضت إلى تدفق مئات ‏الآلاف من العاملين الأردنيين في الخارج وتوقف المساعدات بسبب ‏موقف الأردن في ذلك الوقت، إضافة إلى اللاجئين العراقيين الذين ‏شكلوا ضغطا مباشرا على سوقي العمل والأستهلاك.‏
يجزم هؤلاء أن أي عمل عسكري سيدفع بدول الخليج إلى التدخل ‏من خلال ضخ المليارات وبالتالي لن تكون قادرة على الوفاء ‏بالتزاماتها تجاه دعم الأردن من خلال القروض والمنح، ولن تكون ‏قادرة على استقبال مزيدا من العمالة الأردنية إذا لم تسرح الآلاف ‏منهم.‏ 

العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز قطع إجازته ‏الخاصة ‏التي كان يقضيها في المغرب عائدا إلى جدة، للوقوف ‏على تداعيات ‏الأحداث في المنطقة، بحسب تصريح رسمي، في ‏المقابل يوفد ‏وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله إلى ‏أنقرة للقاء رئيس ‏الوزراء التركي رجـب طيب أردوغان.‏
ذلك يشي بأن الرياض معنية بالدرجة الأولى بعد عمان، ويمكن ‏أن ‏تدفع كلفة السيناريو المقبل وسط توقعات بضخ مليارات ‏الدولارات ‏كما فعلت في حرب الخليج عند تحرير الكويت من ‏الاحتلال ‏العراقي.‏ 

تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج والمقدرة بأربعة مليارت ‏دولار سنويا تساهم، في دعم الحساب الجاري لميزان المدفوعات، ‏إضافة إلى رصيد المملكة من الاحتياطات الأجنبية الذي ارتفع ‏إلى ‏9.4 مليار دولار العام الحالي بعد أن هبط بنسبة 37.0 في ‏المئة اعام الماضي عن مستواه في نهاية العام 2011 ليصل الى ‏‏6.6 مليار دولار.‏ 

وجود مئات الآلاف من السوريين الذين من المتوقع أن يتضاعفوا ‏في حال الحرب مع عودة الآلاف من المغتربين الاردنيين سيهدد ‏فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد ويضاعف من معدل البطالة ‏الحالي والمقدر بـ 6.0 في المئة رسميا.‏ 

التضخم مقاسا بالتغير النسبي في متوسط الرقم القياسي لأسعار ‏المستهلك أيضا مرشح بأن يتجاوز 10 في المئة مع زيادة شريحة ‏المستهكين وتنوعها من جهة وفي ظل ارتفاع اسعار الطاقة عالميا ‏وانعكاساتها على اسعار السلع المستوردة من جهة، وتحرير اسعار ‏المشتقات النفطية والذي اثر بشكل مباشر في ارتفاع اسعار بندي ‏الوقود والانارة والنقل من جهة اخرى، الى جانب ارتفاع اسعار ‏مجموعة المواد الغذائية محليا.‏ 

بالأمس القريب كان الاردن ينأى بنفسه عن التدخل عسكرا ‏في ‏سوريا، لكن موافقة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة ‏على ‏ارسال أسلحة تتضمن قذائف صاروخية ومدافع هاون ‏إلى ‏المعارضة تؤكد تحول جذري في الموقف الأردني.‏
ليس ببعيد فإن زيارة الملك عبد الله الثاني إلى لندن الاثنين، ‏تشي ‏بوجود طاريء يستدعي التشاور مع الحليف الأول بعد ‏واشنطن، ‏وهو أمر تكرر في اكثر من أزمة.‏ 

لكن هنالك ما تخشاه عمان والرياض ويمكن تأطيره في ‏سياق ‏مغامرة، إذا ارتد التحرك العسكري والذي سيشمل حظر ‏جوي ‏بشكل عكسي على المنطقة، كون دمشقق تملك أدوات خفية ‏يمكن ‏أن تتحول إلى قوة في المنظور القريب.‏
هنالك مخاوف من استخدام العراق كجسر ينقل أزمة دمشق ‏عبر ‏بغداد وبالتالي تصدريها إلى الاردن، غير تلك المخاوف ‏تجاه ‏نشوء نزاع مسلح على الحدود إما على العراقية أو السورية.، ‏وهو سيضاعف نفقات الجهاز العسكري التي ارتفعت خلال ‏السنوات الأربعة الأخيرة أكثر من 50 في المئة، وشكلت حوالي ‏ثلث النفقات الجارية خلال العام الماضي.‏ 

انفلات الوضع على الحدود السورية الاسرائيلية-الجولان-سيدفع ‏بتل ‏ابيب إلى التدخل عسكريا ويلقى مقاومة من حزب الله أو ‏قوات ‏روسية وإيرانية دخلت بصمت إلى العمق السوري، ما ‏سيدفع ‏بفوضى لن يدفع ثمنها سوى الاردن بحكم موقعه ‏الجغرافي.‏
ذلك السيناريو حدث خلال حرب الخليج الأخيرة وسط توقعات بأن ‏يتكرر، لكن تكرار هذا السيناريو سيكون ‏"اكثر صعوبة وخطورة ‏وكلفة في سوريا"، ذلك يعترف به مسؤولين في البيت الابيض.‏