على من يزأر (الأسد المتأهب)؟!
الأميركان يبتدعون دائما لأعمالهم العدوانية على الشعوب، وهي دائما شنيعة، أسماءً تضخم من هيبتهم، وتتقصد إلقاء الرعب والهول في قلوب أعدائهم، الذين هم دائما الشعوب المظلومة والمغلوبة على أمرها، ولا سيما عندما تثور لنيل حريتها.
هذه المرّة أيضا يعودون إلى عادتهم المألوفة، فيطلقون على مناورتهم العسكرية في الأردن، ولا أحسب أن الأردن هو من فعل ذلك، اسم: الأسد المتأهب، وبمشاركة وحدات عسكرية من 19 دولة، أكثرها تشارك ببضعة أفراد، أمّا الحشد الرئيس فهو أمريكي عدّة وعتادا ونوايا سيئة.
لي صديق له تحليلات طريفة وعجيبة، وهو يراها عميقة، وتذهب إلى أبعد مما تراه عقولنا القاصرة، وآخر ما تفتق عنه عقله، وقد همس لي به وكأنه يخبرني بسّر عسكري لا يرغب أن يتفشى قبل أوانه: أنا أرى غير ما ترون أنتم يا أصحاب ال..ال..الشعارات الخشبية، فالمناورات تستهدف استعادة ما أُخذته (إسرائيل) التي تسميها أنت في مقالاتك (الكيان الصهيوني)..بالقوّة!
وأضاف هامسا: اسأل نفسك يا محلل يا سياسي، يا فهيم: لماذا، نعم لماذا اختاروا ـ يحكي عن جماعة مناورة الأسد المتأهب بضمير الجماعة، على اعتبار أن أمرهم شورى بينهم، كونهم ديمقراطيين جدا ـ هذا الوقت بالضبط للمناورة، ولماذا أسموها (الأسد المتأهب)، وليس (الأسد) حاف)؟
التقط أنفاسه ثمّ أضاف هامسا: الوقت هو حزيران.. يعني ذكرى النكسة، أو النكبة، أو..سمها ما شئت، والمناورة تهدف إلى استعادة ما استولت عليه ( إسرائيل) بالقوة عام 1967 في حزيران المشؤوم..ليش ـ قالها بلهجتنا القح بقصد التأثير: لأن أوباما طلع دينه من نتينياهو.. فجاء بكيري لاستئناف المفاوضات، ولكن نتينياهو ووزراءه يديرون ظهورهم للمفاوضات، حتى إن شخصا اسمه ( دندن) أو شيء من هذا القبيل، استبق المفاوضات وأعلن وهو نائب وزير: لا دولة فلسطينية..فلم يبق سوى مباغتة (إسرائيل) ..فالأسد المتأهب ..هب ..سينط وهو يزأر..فإذا به في القدس..وقد تحررت وأعيدت للأردن، لأنها بالأصل كانت (وديعة) وجزءا من أراضي الدولة الأردنية. وبعدين يا مولانا سا..تقدم على طبق من ذهب للسلطة في رام الله، لتعلن عليها الدولة..ومن بعد ..تعود الوحدة الأردنية الفلسطينية أكوس مما كانت، لأنها هذه المرّة لن تكون إلحاقية، بل ستكون اختيارا حرا شعبيا ديمقراطيا فيدراليا!..وهكذا ترتاح المنطقة..وتخلص أمريكا من وجع الرأس، ويصبح أوباما جديرا بجائزة نوبل للسلام عليكم التي منحت له قبل أن يفعل فعلته المباغتة البارعة، ويحل السلام في الشرق الوسط الجديد!..شو رأيك بهالتحليل؟!
والآن فلنتساءل بجد: أسد متأهب على من، ولماذا؟!
يقال: الأسد لا يهاجم أحدا إلاّ إذا كان جائعا، فقد يمر به حمار وحشي سمين مثير للشهية، أو ظبي نغش، أو أي حيوان مناسب لوجبة دسمة، ولكنه يبقى متجعصا على جنبه، شبه مغمض العينين، لأن بطنه ممتلئ بما لذّ وطاب، وهو بعد أن ينال كفايته لا يطلب المزيد إلاً حين تفرغ، ويقرصه الجوع، فهو ليس عدوانيا كالنمر، والفهد، والذئب..لا، إنه ملك الغابة، وهو ملك عادل وديمقراطي، ولذا يأخذ كفايته بدون طمع وجشع، حتى تستمر الحياة في الغابة بانسجام، فكل يعرف حدوده.
هل هكذا أخلاق وممارسات الأسد الأمريكي المتأهب؟ لا ..لأنه متأهب دائما، وهذا يعني أنه بطّاش سواء أكان جائعا أم شبعانا يخرج لحم فرائسه من بين شدقيه لفرط تخمته.
أتراه سيقفز على العراق؟ لا فله (أشبال) هناك!
على السعودية؟ هو في الديار المقدسة فوق الأرض، وتحتها..بقواعده التي لا يملك مثيلاً لها حتى في عرينه (الأمريكي)!
على من إذا؟!
يبدو أن نوايا الأسد المتأهب الافتراسية تتجه صوب (فريسة) واحدة هي سورية!
أمّا التصريحات التي تريد أن تطمئن، وتبث الهدوء في (المنطقة) التي تريدها أمريكا غابة لها وحدها، تأكل فيها ومنها من تشاء، وما تشاء، وتطرد من تشاء، وتفترس في أي وقت تشاء..فهي تضاعف من عدم الطمأنينة، بل وتدعو للقلق الشديد.
من قبل نط الأسد الأمريكي المتأهب على العراق بحجة النووي والكيماوي، ومن أشهر بدأنا نسمع عن كيماوي في سورية!
بالمناسبة: لماذا (الأردن) منزعج من الكيماوي إذا ما وجد في سورية، وغير منزعج من النووي، والكيماوي، والبيولوجي..لدى الكيان الصهيوني؟!
في حميّا الأسئلة استذكرت بعض أبيات جدنا المتنبي، شاعر العرب الأكبر، التي يمتدح بها الأمير ابن عمّار الذي ساط بسوطه أسدا هاجمه، وصرعه:
ورد إذا ورد البحيرة شاربا
ورد الفرات زئيره والنيلا
والأسد له أسماء تزيد على الستين، منها بحسب ما أذكر: الأسد، الليث، الضيغم، الرئبال، الورد، الهزبر، أبو هريرة (لأنه يهّر) وهو شبعان متجعص على جنبه، قبل أن ينتفض مطلقا زئيره المروّع.
الأسد المتأهب يدير ظهره للقدس، مُطمئنا من يحتلونها، فهو، وهذا ما يعرفونه جيدا، إنما يزار لطمأنتهم..وهو يطلق زئيره الذي يتردد صداه في أرجاء بلاد العرب التي باتت تسمى (المنطقة) أو (المنتئة) بحسب لهجة بعض ساسةلبنان، وهدفه ليس النيل، فالنيل تتكفل به أثيوبيا، والفرات تتكفل به الطائفية، ولكنه: بردى..أي والله بردى الحبيب!
الأسد الأمريكي المتأهب جائع، هو شره لا يشبع، وبلاد العرب التي بات اسمها (المنتئة) تغويه، ففيها ثعالب، وأبناء آوى، تخدم مآربه..وليس لها إلاّ الله، و(شوية) مقاومة هي التي تستفز (الأسد المتأهب)، لأنها ترفع سلاح العصيان وتتصدى لوحشيته، وللكيان الصهيوني الذي يدنس يوميا أقدس مقدسات العرب والمسلمين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس!
على ثرى الأردن الطهور يزمجر الأسد الأمريكي، الذي من جباله تُرى مآذن القدس التي حين احتلت عام 67 كانت جزءا منه، والتي تصيح ليل نهار وهي أسيرة ولا من يهب ويندفع لفك أسرها..بينما الزمجرة على الشام وأهلها، وزئير الأسد الأمريكي يتوعد، ويتهيّأ، للقفز على الشام، فاتحا شدقيه، مشرعا أنيابه، خاصة بعد انهيار أدواته.
سورية هي هدف المناورة، سواء انتقلت إلى مرحلة العدوان فورا، أو بقي الزئير مدويا متربصا على هيئة باتريوت، وفانتوم..فهذه الأسلحة بالتأكيد لا تمنح للأردن لتحرير القدس، و(الضفة الغربية) لنهر الأردن، انطلاقا من (أرض الرباط)!
من قصيدة جدنا المتنبي الحكيم، نستعيد أحد أبيات تلك القصيدة الباهرة، التي كأنما يتنبأ فيه بما يتهدد الأردن..حماه الله من مخططات أمريكا التوريطية:
وقعت على الأردن منه بلية
نضدت به هام الرفاق تلولا
وختاما:سورية ليست لقمة سائغة، ولن تكون فريسة..ففيها من يذود عنها، والأسد الأمريكي المرعب لكثير من عرب زمننا، هزم في العراق بالمقاومة، وسيهزم وتقلع أسنانه على أرض الشام بالمقاومة الباسلة، فسورية كلها عرين، وهي لن تكون وحدها، وعلى ثراها سيهزم الأسد الأمريكي هزيمته القاصمة.