التــــجربة المــــرّة

ليس بالامر السهل ما ينتظر ابناء هذا الوطن الغالي من خيارات قد يكون احلاها تجرع ما يسمى بالدواء المر الذي تم تحضيره على شكل مضادٍ حيوي لايقاف النزيف الحاصل في موارد الدولة الاقتصادية والمالية والمتهم الاول من وجهة نظر البعض بالتسبب بهذا النزيف الفادح هو ما (يتمتع) به ابناء هذا الشعب من دعم مالي لبعض السلع الارتكازية وفي مقدمتها الخبز والكهرباء ! . 
السؤال الصعب الذي يطرح نفسه : هل هذا الدواء المر المقدم على شكل اعادة توجيه الدعم الى مستحقيه هو العلاج الناجع والوحيد؟ وهل يجد هذا الوطن الغالي طبيبا مداويا حاذقا قادرا على تجنيب الكادحين من ابناء الوطن اوجاع وآلام واعراض جانبية قد يعاني منها الكثيرون من محدودي الدخل والفقراء؟. 
تحرير اسعار الخبز والكهرباء وما سبقها من تحرير اسعار المحروقات مقابل دعم نقدي او بطاقات ممغنطة او تثبيت لسعر الكهرباء لبعض شرائح المجتمع لن يكون كافيا لحماية عامة ابناء الشعب من الاثر الرهيب لمتوالية الارتفاع بالاسعار بشكل عام نتيجة لتحرير هذه السلع الارتكازية فالمواطن الكادح قد يحصل على خبزه اليومي (المدعوم) وقد يضيء مصباحه الكهربائي الوحيد لجزء يسير من ليله الطويل قبل ان يخلد الى النوم الا ان حياة المواطن ليست خبزا وكهرباء ! . 
رهانٌ صعبٌ للحكومة الموقرة على صبر الاردنيين الطويل على ضنك العيش والمتوالية التي قد لا تقف عند حد لغلاء الاسعار الجنوني يرافقها مسيرة اصلاح تسير بسرعة السلحفاة واخبار يسمعها ويقرأها ابناء الوطن عن فسادٍ ومحاربة للفساد الا اننا لا نرى جل الفاسدين وقد نالوا جزاءهم العادل ولا نرى تحميلاً للمسؤولية لبعض من تطاولت اعناقهم للتحكم بمقدرات وثروات هذا الوطن بنهج واجراءات اقل ما توصف به انها فاشلة او فاسدة او سارت في ركب الفساد او قامت بتامين مظلة قانونية وتشريعية للفاسدين واضعةً بذلك ابناء هذا الشعب بين مطرقة المرابين والبنوك الدولية وضلع الدين وبين سندان الخوف من شبح الجوع والتشرد والفوضى وانعدام الامن- لا قدر الله- في طريق يعلم الله متى واين وكيف ستنتهي !. 
حكومة صابرة محتسبة – نسال الله ان تكون الحكومةالحالية – تعمل بجدّ وحزمً وضميرٍ حيّ ... تعمل على ان يرى ابناء هذا الوطن الغالي اموال وثروات الدولة الاردنية تعود الى حضن وخزينة الدولة من ايدي من اقترفوها زورا وبهتاناً من الفاسدين المتنعمين خارج او داخل حدود هذا الوطن لا يصلهم القانون ولا تطالهم يد العدالة ... مثل هذه الحكومة قد يدعمها مواطنون اولو بأس شديد يصبرون صبر الابل على الجوع والعطش وضنك العيش طالما بقي هذا الوطن مرفوع الرأس سليماً معافى من عبث العابثين .