لهذه الأسباب ...أرى مؤتمر جنيف 2 بعيد المنال


الكبير والصغير والمثقف والأمي شاهد التجوال الذي جاله جون كيري بعد الاتفاق الروسي الأمريكي على حل الأزمة السورية حلاً سياسياً عبر مؤتمر جنيف 2 المولود من رحم جنيف 1 من روسيا إلى تركيا إلى السعودية إلى قطر إلى باريس إلى تل أبيب أمام العالم كله بتسليط الإعلام المغرض قبل الإعلام المقاوم وفي كل لقاء له تصريحٌ مختلفٌ وكأن لقاءه مع سيرغي لافروف وما اتفق عليه تلاشى بتلاشي فقاعات بخار الماء المغلي.

ماذا يعني ذلك ؟
هل الذي قاله الرئيس بشار الأسد مع وكالة الأنباء الأرجنتينية الرسمية تلما وصحيفة كلاران بأن هناك قوى لا تريد حلاً سياسيا وتضغط باتجاه إفشال أي حوار أو حل سياسي كقطر وتركيا (الدول الداعمة للعصابات الإرهابية المسلحة التي تأتي بشكل أساسي عبر تركيا وبتمويل قطري ومعها بعض الدول الخليجية الأخرى ومنها السعودية من حيث إدخال الأموال والسلاح إلى سورية).
أم أن أمريكا (رأس الأفعى) تراوغ وتعمل على تضييع الوقت ريثما تأتيها إنجازات عصاباتها المسلحة كورقة ضغط على الرئيس بشار الأسد أثناء التفاوض بمؤتمر جنيف 2 ...
أي من الاثنين كل منهما له أهمية في تجوال جون كيري حول صبيانه أولاً وحول نفسه ثانياً، أما روسيا فهي بالوضع المرتاح لأن شروطها ثابتة على (عدم المساس برئيس الدولة أولاً وبالجيش ثانياً) المدعومان من قبل الشعب السوري كما أقره تقرير للأطلسي بتاريخ 2/6/2013 بصحيفة "وورلد تريبيون” الأميركية).

لكن ما ذكر آنفاً كان قبل تطهير مدينة القصير من قبل الجيش العربي السوري بمساندة حزب الله الذي استنفر استنفاراً كاملاً لحماية حدودنا مع لبنان الذي كان مفتوحاً على مصراعيه للاستخبارات الصهيونية والغربية والمستعربة وعصاباتهم المسلحة وأسلحتهم وعتادهم دون رقيب أو حسيب، وقد قالها السيد حسن نصر الله بأن سورية ظهر المقاومة ولن نسمح بسقوطها لأن ذلك سقوط للحلف المقاوم.

الهلع والقلق والتوتر الذي أصاب الحلف المتآمر على سورية بعد تطهير مدينة القصير من قبل الجيش العربي السوري دون المدن المطهرة الأخرى كما يقول المثل الشعبي السوري (الذي يلعب مع القط بدو يتحمل خراميشه)، جعل القريب قبل البعيد يتساءل:
حول موقعها الجيوسياسي وما تحمله في طياتها من خفايا عدوانية صهيونية ؟
الصمت الذي أصاب اوباما من جهة و جنون جون ماكين الهستيري على إدارة اوباما وتعاطيه مع الأزمة السورية من جهة أخرى ؟
الهستيريا التي أصابت الصهاينة وحلفائها كقطر والسعودية وتركيا ينطبق عليهم المثل القائل (الداخل بالسياسة مثل الداخل بتنكة الكناسة) ..؟
الإنجاز الذي حققه النظام السوري ببسالة جيشه في مدينة القصير منذ انفجار الأزمة في سورية لعب دوراً في قلب معادلات الجغرافيا والتاريخ ووجه ضربة قاصمة للحلف الصهيو أمريكي الذي لم يكن في حساباته لا السياسية ولا الميدانية وذلك نتيجة سوء تقديره لقوة النظام السوري وجيشه وشعبه وبالتالي سقطت ورقة الشرق الأوسطية من يد أمريكا وحلفائها كما كانت تتمناها.

الهستيريا التي أصابت الحلف المتآمر بسقوط مدينة القصير من يدها ناتج عن فشل ولادة المشروع الصهيو أمريكي الذي يقع ثقله كله على مدينة القصير من حيث موقعها الجغرافي والاستراتيجي والسياسي كمرتكز بين أجزاء القطر العربي السوري جنوباً وشمالاً.. شرقاً وغرباً (امتداد الساحل السوري) إضافة إلى قربها من طرابلس في شمالي لبنان على ساحل المتوسط مروراً بعكار وصولاً إلى عرسال إلى الداخل السوري لأجل ذلك كان التهريب من مقاتلين وأسلحة وعتاد وحفر أنفاق على قدم وساق مدة عامين منذ اندلاع الأزمة في سورية، لكن بسواعد جيشنا المغوار الفذ استطاع تشتيت شمل أصحاب مشروع الشرق الأوسط الجديد (أمريكا وأزماتها الاقتصادية والاجتماعية - قلق وخوف الصهاينة من ما بعد مدينة القصير - المظاهرات الشاجبة والمنددة بإسقاط اردوغان - التهديد الإيراني على مستوى القيادة والليبي والمصري والتونسي على المستوى الشعبي للدور القطري القذر الذي تلعبه لصالح الصهاينة.

سورية بهذا الإنجاز تمكنت من إسقاط ورقة لبنان من يد أمريكا وحلفائها التي استخدمتها طيلة 27 شهراً لمحاصرة حزب الله أولاً وكملاذ آمن للمجموعات المسلحة من حيث السلاح والعتاد ثانياً، كما سيطرت على تحركات العصابات المسلحة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ومنها إلى الداخل مما يجعل إنهاء الأزمة بوقت قصير لم يكن في حسبان المتآمرين، ولا ننسى أن هذا الإنجاز شكّل نقطة تحوّل رئيسية في المواجهة الدفاعية التي تخوضها سورية ومحور المقاومة ضد محور الشر والعدوان الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ومنظومتها الإرهابية على المدى القريب، وبالتالي هذا الإنجاز سيعزز موقف سورية في أي مفاوضات دولية قادمة لأن من يسيطر على الجغرافيا ميدانياً هو الأقدر على فرض شروطه.
السؤال المهم بعد تعزيز موقع سورية داخلياً وخارجياً بهذه الإنجازات، بما سيخرج مؤتمر جنيف 2 ؟ هل بتنحي الرئيس بشار الأسد بعد كل الانتصارات التي حققها لحماية وصون وطنه وشعبه في أشرس عدوان تواجهه سورية ؟ أم بتشكيل حكومة انتقالية تضم النظام والمعارضة وأي معارضة ؟! هل التي شاركت في هدر وسفك الدم السوري وهدم البنى التحتية لسورية ؟ أم بسلب حقوق الشعب السوري في تقرير مصير وطنه من حيث اختيار قائده ودستوره كما يحلو له ؟ أترك لكم الإجابة، هل 
سينعقد مؤتمر جنيف 2 أم لا ؟

سورية بعد القصير تختلف 180 درجة ما قبل معركة القصير لأنها حققت إنجازاً بارعاً من حيث تقوية موقعها السياسي 
والجغرافي بهذا الانتصار الكبير الحاسم لقوى النهج المقاوم وجميع قوى الحرية والسلم والممانعة والتقدم والعدالة ومن كان يتوهم بأنه قادر على قلب الحقائق ودخول سورية وتدنيسها عليه أن يراجع حساباته وأن يعترف بفشله.
أيام قليلة وينهي الجيش العربي السوري بصموده وإصراره وحكمة القيادة السورية تطهير كامل أجزاء سورية من رجس الإرهابيين التكفيريين، وبعدها نحتفل بالنصر الكبير والأكيد على أعداء سورية ومن تآمر عليها وليس على استعادة بعض التراب السوري لأن الجغرافيا ما زالت في موضعها وموقعها.