فاقد الدهشة كذاب ، ولكن...!


 ليس لعاقل أن يحتمل شخصا بمواصفات اللعين ، يتقمصه ويُملي عليه ما يُحب وما لا يُحب ، يفرض عليه الشروط في أدق التفاصيل الخاصة والعامة على حد سواء ، فهو أنا وأنا هو...! وهذه ليست حالة عرضية قد تتوقف أو تنتهي قبل الرحيل إلى الله القدير ، وهكذا أجدني اليوم في حالة حيص بيص ، إذ يُلح عليَّ اللعين أن ألج مباعث جنونه ، وأصرح أمام الملأ أن فاقد الدهشة كذاب . 

- ما أن أنهيت الفقرة ، فعط اللدود كمن لسعه عقرب وصرخ قائلا دون أن يُتيح لي فرصة تعليل هذه أل "ولكن" أو فهم ما وراءَها...! لأجد نفسي محكوما لما يجول في ذهنه ، دون أن يستوعب عقلي ذلك ، وهكذا صرت مُجبرا على الإنصياع لهذيانه ، برطمته وهذره ، فأسمع أنه الآن في غير مكان ، يتحدث من القدس ويروي قصة الوجع الشامي ، يصمت ويقول كلاما مبهما عن الملتقى الأردني والفلسطيني ، ويعرج على حق العودة ، وأنا تائه وغير قادر على لملمة الفكرة...!!! 

- حين أصفه باللعين ، أو كما ما يُقال ""سبقة إبليس"" ، أرجو أن لا تُكذبوني ، فطالما يصفني بالغباء إذ آمنت للحظة بما يُسمى القومية العربية كما يقول...! ، وأخذ عليَّ بشدة أن وافقت في جلسة على الإبقاء على هذه الواو التقسيمية في مسمى الملتقى وتساءَل اللعين كيف يكون عربيا وهناك "واو" بين الأردني -و- الفسطيني ، وهما وحدة حياة ومصير ، منذ خلق الأرض وما عليها ، وسيبقون ويستمرون كذلك حتى يرث الله الأرض وما عليها...؟؟؟ 

- أههّا ، في مواجهة العدو الصهيوني ، درءاً للوطن البديل...!!
- كي يغيظني ويؤكد شماتته ، إعتدل في جلسته ، تململ ، تنحنح ، أشعل سيجارة ونستون أحمر ، رشف القهوة ونفث الدخان في وجهي ، وقال : إسمع يا ثخين العقل ، فأنت لست أسطورة كما تُزيِّن لك أحلامك في اليقظة وفي المنام ، إنما أنت كبقية المسميات العربية ، تبحرون في الآفاق والمحيطات لتجدوا ثغرة تهربون منها وتدارون خوفكم ، عجزكم وقلة حيلتكم ، فالصهيونية هي التقسيم ، التفتيت ، التبديد والإبادة ، ليس للفلسطينيين ، الأردنيين ، العرب مسيحيين ومسلمين فحسب إنما للبشرية برمتها ، أم أنك نسيت أن أتباع يهوه ""الإله المحجوب"" الذي إستلهَمَت الصهيونية العالمية وتستلهم من هرطقاته سُبل هيمنتها على العالم ، وأنها من تلمود هذا أل يهوه ، إبتدعت فكرة شعب الله المختار ، وبقية البشر جويم "" عبيد وخدم لليهود من أتباع هذا الإله المُخترع"" ، فأي جدوى من الإختباء ورءَها كي تؤكدوا إنقسامكم...؟ ، فيما تتحدثون عن العروبة ، الوحدة العربية ، أو على الأقل وحدة الديار الشامية ، إن لم يكن بمقدوركم الإيمان بوحدة الحياة والمصير ، التي باتت قدرا لا راد له بين الأردنيين والفلسطينيين ، أم أنكم كذابون كما هو حالي...؟
- واوووو...! وماذا بعد...؟
- تدثر فاقد الدهشة بثياب الواعظ ، وقال : إسمع ، إسمعوا جميعا ، فما أنتم إلا من أمة ضاع دليلها ، تهذي بأشد من هذياني وتمارس عبثا غير مسبوق في تاريخها ، أنتم مصابون بأمراض متعددة لا شفاء منها ، كونها أمراض وراثية تنتمي للجينات ، تضخم الأنا ، جنون العظمة وإستمراء التقليد ، تتكئون على التارخ ، تنبشون قبور قادتكم العظام ، وتحلمون بعمر بن الخطاب ، أو صلاح الدين الأيوبي ، ليفتح القدس من جديد ، تتغزلون بمعركة مؤتة وشهدائها الأبرار ، حطين واليرموك وغيرها وتقفوا اليوم على بوابة القدس المحتلة مجددا ، وتقرعون جرس الإنذار لما يجري في دمشق ، وفعلكم الوحيد الأوحد ، تلطمون الخدود وتشقون الجيوب وترهصون على الخيول الخشبية ، تتناسون وتنسون أن التاريخ ليس إلا عبرة ، وأن من مات فات ، وأنكم بهذا النبش ، تتلذذون بإحباطاتكم فتستحضرون صور الماضي وتتخيلون أنكم الفاعلون...!!! يا واللّيه ما أسوأ واقعكم ، وما أردأ مستقبلكم ، هذا إن بقي لكم مستقبل...!
- قلت لكم أن فاقد الدهشة مجنون ، فعلى حين غرة حملني إلى جهة أخرى ، وبدون دستور ولا حاضور ، سطر عنوانا جديدا ، بالبنط العريض.
الجيش العربي.
-------------------
- لا أخفي ، أن مزاجي قد إعتدل في حضرة القُدسية ، الأمن والأمان ، النوم بهدوء ، الطمأنينة مشفوعة بفلسفة الحكم الهاشمي ، فهذه القوات المسلحة الأردنية ، وشقيقاتها الأجهزة الأمنية ، المخابرات العامة ، الأمن العام ، قوات الدرك والدفاع المدني ، هي الدرع الذي يحمينا، وهي عنوان عزتنا وفخارنا .
- نظر إلي فاقد الدهشة بإعجاب ، وبدون مشاكسة تمطى على الأريكة ، وقال : ونحن في أجواء الإحتفالات بمناسباتنا الوطنية ، ذكرى الثورة العربية الكبرى ، يوم الجيش وعيد جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش ، يجدر بنا أن نذكِّر شبان ، صبايا وأطفال الأردن وفلسطين على حد سواء ، بما لهذا الجيش والأجهزة الأمنية الأردنية من مآثر الدفاع عن الأردن وفلسطين ، وأن نُرسخ في أذهان الأجيال أن الجيش العربي ، هو نسيج وحده ليس من حيث التسمية فحسب ، وإنما بالفعل الحقيقي ، إذ لم يغب لمرة واحدة عن نُصرة الأشقاء العرب ، والوقوف معهم والإستشهاد في الدفاع عن غير حمى عربي .
- أما وقد برزت مؤخرا شلل وزمر من المزايدين ، العُصابيين ، أدعياء الوطنية ، وأفَّاكي القومجية والمتأسلمين والمُتصيدين ، وفي محاولة لمجانبة الحقيقة ، إعتبروا المناورات العسكرية العربية والدولية في الأردن ""الأسد المتأهب"" كمأخذ على الأردن والجيش العربيي ، فأقل الرد عليهم أن المملكة الأردنية الهاشمية ، ليست مجرد دولة مستقلة ذات سيادة ، إنما هي الدولة العربية الوحيدة ، التي لم يتلوث تاريخها ، لا سياسيا ولا عسكريا ولم تصوِّب بندقيتها لا في ظهر ولا في وجه عربي ، كما أنها لا تُخفي صداقتها وعلاقتها مع كل دول العالم ، وعلى هذا لا يأبه الأردنيون بعواء الكلاب لأن قافلتهم تسير ، بكل شرف وعزة وفي وضح النهار ، وهو ما لم يتسن لمعظم الدول العربية والإقليمية ، من الباطنيين وأهل التُقية ، والآن دعونا نذهب لغفوة على كتف الجبل الأشم شيحان ، لنسمع ترانيم الحب والحياة ، من الأشم جبل كنعان في خليل الرحمن ، وليمُت الكائدون للأردن وفلسطين بغيظهم ، والسلام.