تقرير ديوان المحاسبة من يكترث؟


هل يجد هذا الكم من الملاحظات والمخالفات وشبهات الفساد في ‏تقارير ديوان المحاسبة أذنا مصغية وعيونا تقرأ وتدقق وتحقق ‏وتحاسب عمليا بعد أن كانت أرقاما على ورق.‏
الإجابة تلقيناها كل عام وكانت بالنفي، باستثناء تحصيل بضعة ‏دنانير هنا، وتوقف تجاوزات هناك، إما لأن المسؤولين عنها ‏غادروا أماكنهم أو توفاهم الله.‏
في سنوات سابقة كان التقرير يسلم بعد وقت، لكن مجددا أصبح ‏مجلس النواب يمتلك تلك الأوراق المؤلفة بعد شهور من انتهاء ‏العام، ما يفضي إلى جدوى سؤال مسؤولين موجودين الآن على ‏رأس عملهم أو أن الوزارة تكررت أكثر من مرة بين أيديهم.‏
لا يمكن إلقاء اللوم على الجهات الرقابية ومنها ديوان المحاسبة ‏كونها لا تمتلك الأدوات العملية لمساءلة أصحاب الهفوات ومن ‏أهدروا المال العام، بقصد أم دون ذلك.‏
بمعنى أننا نمتلك القوانين والتعليمات تارة، لكنها غير مفعلة، وتارة ‏أخرى نمارس التعليمات والقوانين غير الموجودة أصلا، وهو ما ‏حدث في ممارسات مسؤولين دون العودة إلى رئاسة الوزراء ‏وسن قوانين خاصة بهم، أو مخافة تعليمات وقوانين الرئاسة.‏
ما يتحدث عنه تقرير عام 2012 أشبه بالخيال، وإذا كان هنالك ‏جدية لدى هذه الحكومة أو أي حكومة في محاربة الفساد أو على ‏الأقل وقف انتشاره أن تبدأ بالتقرير وتراجع كل مسؤول عن ‏صغيرة وكبيرة فيه.‏
عكس ذلك، ما جدوى إعداد هذا التقرير ونشر جنود من ‏الموظفين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، أم أن ذلك ‏للاستهلاك الاعلامي وتنفيسة من تلك المتبعة لدى الحكومات ‏المتعاقبة التي تعتمد مقولة «تحدث عنه كثيرا فيصبح غير ‏موجود».‏
حتى الإعلام مسؤول بالدرجة الثانية عن نشر التقارير وبالطريقة ‏الذكية، أي عدم الاكتفاء بنشر ما ورد في التقرير من معلومات ‏بقدر العودة وتكرار السؤال عن المخطئين الذين مارسوا ‏هواياتهم في هدر تلك الأموال، وتحديدا هؤلاء الذين ما زالوا ‏على رأس عملهم.‏
في دول تحترم شعوبها، فإن معلومة بسيطة تكشف اختلالات ‏معينة وبخاصة إن كانت من جهة حكومية، تدفع برؤوس كثيرة ‏إلى تقديم استقالاتها لمنح فرصة للتحقيق أن يأخذ مجراه ووقف ‏تلك الممارسات فورا.‏
أما في بلادنا فنرى نوابا ووزراء يتكررون كل مرة وهم يحملون ‏في طيات تاريخهم قضايا قائمة وملاحقات مستمرة من مكافحة ‏الفساد لأخطاء مارسوها في أعمالهم السابقة أو لقضايا شخصية ‏عند المحاكم بلغت عند البعض السرقة والشروع بالقتل والضرر.‏
من هنا نسأل وفي نفس الوقت نجيب، منذ بدء عمل مكافحة ‏الفساد وإعداد تقارير ديوان المحاسبة، كم من قضية عولجت وتم ‏محاسبة أبطالها، من يكترث!