الصورة المشوهة للإسلاميين .. لماذا ؟


دون شك طال صورة الاحزاب الاسلامية في الوطن العربي التشويه وليس في الاردن فقط , وما قاله نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد لصحيفة المصري اليوم المصرية , عن تكوين صورة مشوهة للاسلاميين في ذهن صانع القرار له ما يسنده على ارض الواقع , والاختلاف مع تصريحات نائب المراقب في أسباب اختلال الصورة ومَن يتحمل مسؤولية هذا الاختلال ؟

صحيح ان القوى السياسية التقليدية لا تحبذ علاقة رطبة بين الاسلاميين وصانع القرار , وصحيح ان هناك جهات سياسية تسعى الى تشويه صورة الاسلاميين امام الرأي العام وامام صانع القرار , فقربهم يعني المشاركة في تقاسم الكعكة على ادنى احتمال , ان لم يكن فيه ازاحة لتلك القوى التي استنفذت فرصتها وعجزت عن تشكيل جماعة لها في الشارع وبقيت اسيرة لافتة الحزب .

وهذا السلوك على انتهازيته , إلا انه مقبول في العلاقات الحزبية البَينية , فالمساحة ضيقة ومن حق كل حزب الامساك بتلابيب الفرصة والبقاء على مسافة قريبة من الحكم او السلطة ان لم يكن هو السلطة ذاتها , ولكن ازمة الاسلاميين انهم بادروا طوعا الى الابتعاد عن صانع القرار , رغم محاولات جادة قادها صانع القرار بنفسه للتواصل معهم وإدخالهم في العملية السياسية , لكن تعنّت الحركة - وليسامحني الشيخ زكي – وقيادتها وعلى رأسهم الشيخ نفسه هو من اضاع الفرصة المفصلية .

قبل الربيع العربي وفي اتونه , بادرت حكومات الى التقارب مع الاسلاميين ودعم صانع القرار تجسير الهوة , والتقى الجماعة وحزبها , وكان الامل يحذو الجميع ان تلتقي المفاعيل السياسية في نصف الطريق , ولعل الاستجابة الملكية لرسالة الاسلاميين التي حملها رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري كانت دليلا على ذلك في لجنة الحوار الوطني , لكن الاسلاميين ركبوا رأسهم وغادروا اللجنة مراهنين على البقاء في الشارع لتحقيق مكتسبات اكبر , فخسروا الرهان وخسروا معه تعاطف كثيرين كانوا يقولون نفس ما يقول الشيخ زكي عن النخبة السياسية التي تسعى الى الاستئثار بالكعكة وازاحة الاسلاميين .

رياح الربيع العربي التي واتت الاسلاميين في الاقليم العربي اشعلت خيال الاسلاميين في الاردن وفارقوا الجماعة السياسية , دون حساب ارتداد السلطة السلبي على الاحزاب الاسلامية في الاقليم وبالتالي الارتداد على الجماعة الاردنية , فجاءت تجربة مصر وتونس لتزيح الغشاوة عن العين العربية والاردنية , فالجميع لا يمتلك برامج لتحقيق التقدم , ولا يكفي الحديث الجميل لإطعام الجياع او ايصال خدمات الى مناطق محرومة , بل ان الجماعة تحولت الى عشيرة تريد الاستئثار بالسلطة مثل الاحزاب الحاكمة التي خرجت من السلطة , ومارست الاقصاء التي عانت منه طويلا , فجاءت الردة الشعبية سريعة وقوية فالجماعة ليست حزبا ولن تكون , واصرار الجماعة على السيطرة على الاحزاب المرتبطة معها افقدها الاستقلالية المنشودة لاي حزب . 

في ادبيات الاحزاب هناك بابان للنقد , احدهما باب النقد الذاتي , وهذا الباب أوصده الشيخ زكي في حواره مع الصحيفة المصرية وفي ادبيات الجماعة والحزب وهنا مكمن الخلل الذي افقد مقابلة الشيخ الموضوعية والتوازن , بعد ان اكتفى الشيخ بالنقد وسكت عن النقد الذاتي , الذي هو شرط اساس لمنح الامان للمتلقي , وهو الشرط اللازم لمراجعة المسيرة الداخلية وتطويرها والتعلم من الاخطاء وتجاوزها .

نسأل الله ان يعيدنا والشيخ الى الهداية والى المراجعة فالوقت لا ينتظر احدا والضرورة تتطلب المراجعة والمشاركة في الحياة السياسية .

omarkallab@yahoo.com