هتف الشعب للحياة .. فاستجاب القدر
هتف الشعب للحياة .. فاستجاب القدر
الكاتب : فيصل تايه
مع التقدير للشاعر التونسي الكبير أبي القاسم الشابي– رحمه الله - والذي بقيت أشعاره الوطنية وقوداً لثورة الشباب التونسي الغاضب. تلهب كل طاغوت متكبر متجبر.. وكأن شاعرنا العظيم يعيش بيننا في هذه الآونة لا قبل ثمانين عاما .. ضمن هذه المنظومة الواسعة الرحبة .. المليئة بالتفاعلات والمتوافقات..والتناقضات..
فهنيئاً لكل أمةٍ أرادت أن تأخذ مساحة من حقها في الحرية والحياة الفضلى .. ولكل شعب يعربي أبي .. قرر أن يأخذ حقه بهدوء وبأقل ما يمكن من الخسائر. ليتنعم بثروات بلادة التي هي جزء من رصيده المشروع .. ومستحقه الوطني الحتمي .. تلك هي إرادة شعب من أكثر الشعوب العربية تعليماً وتحضراً .. تلك هي الشعوب الصابرة .. تتأذى وتتألم لكنها تتحمل ..تكابد وتداري أوجاعها لكن إلى حين.. لا شيء يستمر ويبقى.. لا بد من ساعة العودة إلى الصفر فلكل بداية نهاية ولكل صبر حدود .. والوقع لا يمكن نكرانه .. فلن يلد بيض النمل النسور .. ولن يخبئ قشر بيضة الأفعى إلا الثعابين ..وتهميش الشعوب لن يستمر .. مهما استمرت اهانتها وظلمها.. كل ذلك لابد له أن ينتهي.. فما من فرج إلا بعد ضيق .. وما من إرادة في الحياة إلا وتحققت ولو حسرت في زاوية حادة .. فالحقوق المستحقة للشعوب الحية آتية لا محالة .. والطوفان آت ليفجر طوق الصمت وتخترقه عندئذ صيحات وزفرات غيض وغضب دفين راكمته السنون.. هي إذا المحصلة المنطقية لتفاعل معطيات الواقع .. لتكتمل معادلة التفجير والثورة.. لابد عندئذ أن تظهر النتيجة وتعلن عن نفسها في انتفاضة شعبية وثورة عارمة تزلزل أركان عروش السلاطين والحكام.. تلك هي ثورة الأشقاء التونسيين .
إن ما جرى في تونس البقعة العزيزة على قلوبنا جميعا .. لا يمكن أن يكون وليد حدث أو حركة احتجاجية على وضع اجتماعي اقتصادي فحسب .. إنما هو نتيحه تراكمات سياسة خاطئة ناتجة عن ممارسات غير مسؤوله من طرف المقربين من رأس السلطة إضافة لتدخلات قوى إقليمية وعالمية نجحت وبدرجات متفاوتة في استقطاب مراكز مؤثرة في صلب النظام وبعض الأحزاب أو الحركات السياسية المعارضة وهو ما يفسر اقتصار دور الشعب منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي على القيام بالمسيرات والإضرابات والحركات الاحتجاجية والانتفاضات دون أن تكون تلك التحركات متبوعة بتحول سياسي عميق في مؤسسات النظام السياسي بل بقي نفس النظام السياسي تحت يافطات سياسية مختلفة.. هذه هي الحالة السياسية التي مرت بها تونس.. إرادة شعب عبرت عن نفسها في الشارع.. ومقدرات الشعب بقيت بأيدي مراكز قوى داخلية وخارجية متصارعة على السلطة في وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال كبير ومحيير : ما الذي أدى إلى هذه النتيجة ؟
ان من حق الشعوب العربية إذا أرادت الحياة .. والفرح والسرور أن تخاطب من عميت أبصارهم بالطغيان والترف والثراء والعظمة والذين يدعون أنهم جديرون بأن يكونوا قدوة لهم .. وفي حقيقة أمرهم ما هم سوى خلفاء قارون وأتباع هامان وفرعون! بعد أن قدموا شعوبهم قرابين للحفاظ على عروشهم وقصورهم ..
إننا في الأردن نحترم ونقدر إرادة الشعب التونسي في حياة جديدة .. ومن حقه تقدير ذلك .. ونحمد الله عز وجل أن حالتنا تختلف رغم شح ثرواتنا وإمكاناتنا .. فالشعب الأردني بفطرته يعشق الحياة من خلال علاقتين متوارثتين متأصلتين في دمه وعروقه .. أولها : علاقته بالأرض التي هي الأردن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه بأسرته الكبيرة الواحدة .. تلك الأرض الطاهرة المباركة التي جمعتنا على الألفة والخير والمحبة والأمن والأمان .. وثانيها : علاقة هذا الشعب الأصيل بالأسرة الهاشمية الكريمة .. فهو بذلك شعب نبيل كريم .. طيب الأعراق ويعشق رغد العيش بحرية وكرامة وعزة .. وليعلم الجميع أن هاتين العلاقتين المتجذرتين حرزنا وحصننا المنيع .. ومن هم خارج هذه الرؤى فلتذهب ريهم إلى ما لا يعلمون .. !!
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com
الموقع الخاص بالكاتب : http://sites.google.com/site/faisaltayeh/home