هيهات لمؤتة أن تخضع


لا يخفى على احد بأن عطوفة الأستاذ الدكتور رضا الخوالدة الرئيس الثامن لجامعة مؤتة قد جاء بإرادة ملكية سامية في ظرف دقيق وحرج عانت فيه الجامعة ما عانت من تردّي في أوضاعها المالية وعجز في ميزانيتها إضافة إلى الكثير من التشوهات الإدارية التي تراكمت على مر السنوات وما رافق ذلك كله . من عنف جامعي داخل الحرم الجامعي وعلى أسوار الجامعة حتى كادت هذه الظروف مجتمعة أن تدخل هذا الصرح العلمي العريق في نفق مظلم وتعصف بتاريخه ومستقبلة الأكاديمي وسمعته التربوية محلياً ودولياً .
وقد أصبح معلوماً لدى الجميع أن الأستاذ الدكتور رضا الخوالدة الرئيس الجديد لم يمضي على تسلمه زمام القيادة في مؤتة سوى شهرين قادم إلى مؤتة يحمل معه الإرادة والعزيمة والرغبة الصادقة في الإصلاح والتغيير – ما استطاع إلية سبيلا – لم يأت فارغاً بل جاء محملاً بالثقة الملكية السامية أولا وبالخبرة الشخصية ثانياً وعيناه تتطلعان إلى كل المخلصين من أسرة الجامعة بكافة مواقعهم وحتى من أبناء المجتمع المحلي لمد يد العون والمساعدة له وللوصول بجامعة مؤتة إلى شاطئ الأمان والطمأنينة لتستعيد عافيتها من جديد وتنطلق كما كانت إلى سماء العز والشموخ والكبرياء لتؤدي دورها الأكاديمي التنويري كجامعة للسيف والقلم في أجواء أكثر هدوءاً واستقراراً وعلى كافة الصعد .
إن هذا الرجل " المبعوث رحمة " لهذا الكيان النازف بكل مكوناته والذي أنهكته الجراح لا يحتاج منا وهو في بداية المشوار إلى المديح والتزلف والتضليل بل يحتاج للقليل من الصراحة والشفافية والتكاشف والإشارة المباشرة إلى مواطن الخلل والألم ليتسنى له علاجها بما يمتلك من خبرة وصلاحيات تخوله بذلك ، ولعل نبذ الذات والابتعاد عن المصالح الضيقة وحب الاستئثار بكل شيء من بعض الأطراف التي اعتادت على جمع الألقاب والمناصب من أهم ما يحتاجه الرئيس الجديد ليمارس دورة الإصلاحي المناط به دون التوقف عند بعض الحاجات التي تصغر أمام مصلحة مؤتة الجامعة .
لقد صرح جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظة الله – غير مرة – أن هناك قوىً وتيارات أسماها جلالته " قوى الشد العكسي " تحاول عرقلة مسيرة الإصلاح في الأردن مغامرة بمصير الوطن ومستقبله وسيادته وهنا أقول يا عطوفة الرئيس أنه ليس غريباً أن تواجه أنت أيضا داخل الجامعة أو خارجها تيارات وقوىً وأشخاص تحت مسمى " الشد العكسي " تسعى جاهدة إلى إعاقة ما انتم عازمون على اتخاذه من إجراءات إصلاحية تتنافى مع مصالحهم الشخصية وتلقي بهم على الرفوف بعد أن تنتزع أنيابهم السامة التي غرزت في جسد جامعة مؤتة ردحاً طويلا من الزمن ولأنهم لا يستطيعون الحركة في الأجواء الايجابية المضاءة بأنوار الحقيقة ، وليس غريباً أن تواجه أفواهاً وأقلاما شرسة تتجاوز المألوف لتبقى مؤتة في متاهاتها ودهاليزها المعقدة وتركيبتها المبنية على التناقضات والمقاعد المحجوزة مسبقاً " للمحاسيب " ممن تراه هذه القوى رافعاً للوائها ومنادياً برسالتها .
يقولون أهل مكة أدرى بشعابها وأما وقد دخلتها يا عطوفة الرئيس وأصبحت من أهلها ،فتلك شعابها وقد امتلأت بالأوثان ولا نحسبك من السابحون بينها فأمض إليها فأسك القانون ورسالتك الحق فاكسرها صنماّ صنماّ ومن حولك كل القابضين على جمرة الإصلاح .
الحمل ثقيل يا عطوفة الرئيس والدرب طويل والمسير بليل ومهمتكم ليست بالسهلة إنما هي أشبه بالسير في حقل ألغام ولكنك قادر على اجتيازه والعبور إلى محطات أكثر أمنا وأمانا ، أقول هذا وأنت تبدأ جولاتك التفقدية إلى دوائر الجامعة وتستمع لهموم أبنائك وبناتك وإخوانك وأخواتك في جامعة مؤتة لتضع في ذهنك تصورا تبني عليه خطة العلاج وخارطة الطريق متمنيا على عطوفتكم منح الأغلبية الصامتة فرصة البوح والتعبير فالحلول تبدأ من هناك على الأغلب تلتقطها من حناجر المهمشين والسنتهم وتجدها في عيون المغيبين وملامحهم القلقة على مصدر رزقهم ورزق أبنائهم أولئك الذين شاهدتهم ودموعهم تنهمر على مؤتة صدقا وحبا ووفاءا وخوفا ذات معركة من معاركها العبثية التي أذكت نارها بعض النكرات الذين عرفتهم الجامعة .
لم أعد قلقا على جامعة مؤتة بعد أن اختار لها جلالة الملك حفظه الله رجلان من خيرة الخيرة وعالمان من علماء الأردن المميزين هما معالي الأستاذ الدكتور عادل الطويسي رئيس مجلس الأمناء والأستاذ الدكتور رضا الخوالدة رئيس الجامعة اللذان سيمضيان بها في طريق التقدم والتطوير والرفعة لتعود جامعة مؤتة من جديد منارة علم وإشعاع فكري غير آبهين بكل الأصوات التي قد تنبعث من بعض الزوايا المظلمة والتي لا تريد لمؤتة أن ترى النور إلا إذا خضعت لأهواءهم ورغباتهم واطماعهم ............ وهيهات لمؤتة أن تخضع .
albashabshehy@yahoo.com