علي السنيد يكتب : اين الزكاة واين هم المزكون؟؟؟

يا أصحاب الملايين لا تهنأوا وغيركم من الناس تفتك فيهم الهموم والأحزان ، ولا تغمضوا أعينكم عن الجياع في المحافظات ، ولا تتأففوا عندما تلحظون الفقير ، ولا تتعاموا عن مأساة إخوانكم ، لا تزدروهم لمناظرهم الشاحبة ، ولرخص ملابسهم ، فهم بشر حظهم قليل ، إن لهم أبناء يريدون أن يتعلموا مثل أبنائكم بالجامعات ، لا تقسوا عليهم فيكفيهم قسوة الحياة ، أشفقوا على آلامهم أولى لكم ، واقتسموا معهم الفرح ، أخرجوهم من همومهم وأشيعوا الفرح في النفوس ، لا تتركوا دمعة بعين طفل صغير ، حتى تكون أموالكم حلالاً لا تحسدون عليها ، تعالوا إلى همومهم في قراهم اليابسة ، احملوا لهم الفرح الأخضر ، وخلصوهم من الأحزان ، اعكسوا السعادة في عيون صغارهم ، "فرحوهم" لعل الله يرضى ، هم إخوانكم بلا أرصدة ، وبلا معاشات عالية ، ولا عقود خيالية ، وليس عندهم سرلنكيات ، ولا يملكون الأراضي والعقارات ، والعمارات والبيوت الفاخرة ، وهم يركبون بالباصات ، وليست لديهم شركات ، ولا يجنون الأرباح ، ونادراً ما يفرحون ، والفقر يطاردهم في نومهم وفي صحوهم ، وعن اليمين وعن الشمال ، وأينما ينظر الأردني ، والدنيا "تشد" أعصابهم ، ومنهم من لا ينام الليل من هم الديون ، وهم أطفاله ، منهم مرضى ، وعنده مطالب عيش قاس ، هنالك عجزة تخلت عنهم الدنيا في أيامهم الأخيرة ، وهنالك من ينتظرون كراتين المساعدات لإطعام أطفالهم ، هنالك عاطلون عن العمل منذ سنوات ، و فقراء لا يعرفون طريق مستقبلهم ، ومن الناس من يفضل الموت على الحياة جراء أيامه "التعيسة" ، من الناس من ذلتهم الدنيا ، وحرمتهم اقل الأشياء ، وجعلت اقل احتياجاتهم وكأنها مستحيلة ، ولا يأخذونها الا بالدموع. 

عليكم إخواننا الأغنياء أن تعلموا أن الفقراء في ذمتكم ، وآلامهم زادت بسبب تقصيركم ، فأموال الأغنياء ليست أملاكا خالصة لهم في مجتمع كله فقراء ، فلا تغمضوا أعينكم عن أحزانهم ، عن لهفتهم لرؤية المال .

تعالوا يا أيها الأغنياء واحملوا الحزن عن أجسادهم النحيلة ، ووجوههم البائسة ، فسيسألكم الله عنهم ، ساعدوهم على مواجهة سوء الأيام ، والليالي في هذه الدنيا المؤقتة ، فهي أيام وسنمضي ، ونختفي من الحياة ، ولا يبقى منا احد.

يا أصحاب الملايين أفيضوا من أموالكم على من لا يملكون قوت يومهم ، يا أصحاب الشركات والاستثمارات لا تتركوا الفقراء بلا طعام ، وملابس أطفالهم عتيقة ، فأين هي زكاتكم ، ولماذا يحرم الشباب من حياتهم ، ولا تمتد الأيدي البيضاء لإنقاذهم ، ودمجهم مرة أخرى في المجتمع ، أين أموال الزكاة وأين هم المزكون..

أيها الأغنياء إن أموالكم ودائع جعلها الله بين أيديكم ، فأشركوا الفقراء فيها يرضى الله عنكم ، ويخفف بكم أحزان الناس ، ساعدوا الفقير ذا الأولاد ، والطالب الذي يفشل في تدبير رسوم ساعاته الجامعية ، ساعدوا العاطلين عن العمل في تدبير أحوالهم ، قفوا إلى جانب المرضى الذين تعسرهم "روشيتة" الدواء ، أنقذوا القرى المعدمة ، ولا تعتقدوا أيها الأخوة أن الناس يعيشون كما تعيشون ، وان البرك تحيط ببيوتهم ، وان طابور السيارات يصطف حول جوانب فللهم ، فهنالك خلف عمان عالم من الفقر المريع ، وفي البلد رتع الفقر في الناس وذلهم ، فأمسحوا دموعهم الحارة ، يساعدكم ربكم على اجتياز عقبة الآخرة لما نرد إليه جميعا عرايا.