دورة الحياة قد طوتهم

 

... يتوقف الباص فجأة، ثم يصعد رجل بكامل الرتابة والأناقة والحزم، يستعرض ركاب الباص إستعراضا مبدئيا، وهو واقف بجانب السائق الذي يحاول ملاطفته وهو لا يستجيب،باحثا بواسطة عين مرة، وعينيه معا مرة أخرى عن راكب أو راكبة داخل الباص لم يدفع أو لم تدفع الأجرة، والجميع متحفز لهيبة الموقف (ركاب أضاعوا التذكرة أو إختلسوا المشوار، وكونترول غفل عن حرامي ركوب باصات بدون أجرة ويخشى العقوبة المؤلمة، وسائق طلب من كونترول الباص - محصل النقود - أن تكون أجرة راكب أو راكبة على حسابه ولم يدفع واضعا إحتمال صفر أن يصعد مفتش الباصات مثلما صنع كونترول الباص إحتماله لعدم تحصيله أجرة من صبية جميلة (حاطط عينه عليها ليكسب ودها فيخطبها)، وحرامي يصنع قرارا. الإفلات من خلال الهروب بحيلة أو المواجهة). 


كانت لسائق الباص وكونتروله ومفتشه هيبة ومكانة إجتماعية وقدرا بين الناس. فالسائق كان يقدم معروفا دائما للناس بأن يستجيب لنداء الكونترول لينتظر راكبا مسرعا. كان بإمكان السائق مواصلة مشواره إذا علم أن الراكض نحو الباص (مش مستاهل الوقفه).

وكان كونترول الباص يقرر إحتساب أجرة على الولد، أو عدم إحتساب الأجرة، أو إعتباره أكبر من ولد، وبالتالي يدفع أجرة مضاعفة.

أما مفتش الباص فقد كان نجما يمشي على الأرض....

رغب معظم الناس في كسب ود الثلاثة السابق ذكرهم، وكنا كأطفال نسمع عبارة تتردد بصورة مستمرة وفي الإتجاهين : " بدون يمين ما بتدفع "، وكنا نتمنى أن نكبر قليلا لكي لا ندفع، ونشتري بالثمن هريسة.