«3» ملفـات صعبـة..



هذا الشهر سيكون صعبا على الحكومة، وعلينا ايضا، ومن واجبنا ان ننتبه لاستحقاقاته وان نتعامل بحكمة مع تداعيات ما قد يفاجئنا به من أحداث أو بما ستفضي إليه المقررات التي يبدو انها اصبحت جاهزة من تداعيات.

أمامنا ثلاثة ملفات من المتوقع ان تشكل مجالا حيويا للنقاش العام، اذا لم تتحول الى أزمات، اولها ملف معان والحالة التي انتهت اليها بعد "مخاضات” ولدتها اخطاء سياسية ليست نتاج هذا العام فقط وانما حصيلة اكثر من عشرين عاما، وهو ملف يحتاج الى مقاربات عقلانية تتضمن حلولا جذرية لا مجرد معالجات "أمنية” أو حتى سياسية "مؤقتة”، وربما يكون من المناسب التذكير بأن ما فعلناه في السنوات الماضية، سواء تجاه "حالة معان” او غيرها من مناطقنا التي تعاني من التهميش، لم يتجاوز "التغطية” على المشكلة او تأجيلها، فيما بقيت أسبابها قائمة، وقابلة للاشتعال في أية لحظة.

لا أحد ضد استعادة "هيبة” الدولة، سواء في معان او غيرها، لكن هذه الهيبة لا يمكن انتزاعها بالوسائل التقليدية التي اعتدنا عليها، وانما تحتاج الى "ادوات” جديدة، تتناسب مع المشكلة ومع وعي الناس وذكائهم، واهم هذه الأدوات الاحترام المتبادل والثقة والعدالة، فالاردنيون كلهم حريصون على أمنهم وعلى بناء دولتهم، لكنهم حريصون ايضا على الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم، وبمقدور الدولة ان تتحرك ضمن هذه المعادلات لا خارجها اذا كان الهدف هو حماية البلد وتطمين الناس على حالهم ومستقبلهم.

أما الملف الثاني فيتعلق بالقرارات الاقتصادية المنتظرة على صعيد تحرير اسعار الكهرباء وربما الخبز، واعتقد ان "الشارع” اليوم يعاني من هذه الهواجس، ويحتاج فعلا الى "مصارحة” من قبل المسؤولين عن كل ما يفكرون به، وأرجو-هنا - ان لا نتعامل مع هذا الملف بمنطق "الاستسهال” او بمنطق الصدمة.

فأوضاع الناس الاقتصادية أصبحت أصعب مما نتوقع، ودرجة الاحساس بتراجع العدالة وانسداد أبواب الاصلاح وفقدان الأمل بتحسن الاوضاع الاقتصادية، تدفع نحو المزيد من الاحتقان، وتفرض علينا التفكير جديا عند اتخاذ اي قرار يمس حياة الناس، لا من الناحية الاقتصادية فقط وانما من كافة النواحي التي يتوقف عليها الاستقرار والوئام والأمن العام.

يبقى الملف الثالث وهو يتعلق بغياب الانسجام بين الحكومة والبرلمان، فقد لوحظ على مدى نحو 100 يوم من عمر مجلس النواب ان العلاقة بينه وبين الحكومة مشوبة بالتوتر والتربص مما انعكس على اداء الطرفين معا، وأخشى ما أخشاه ان تصل هذه العلاقة الى "الصدام” خاصة بعد طيّ صفحة "توزير النواب” وتأخر التعديل الوزاري، وامتداد حالة "الفرز” داخل المجلس بين مؤيدي الرئيس وخصومه، وربما سنشهد في اأايام القادمة "تسخينا” نيابيا استعدادا لمواجهة قرار رفع أسعار الكهرباء.

بصراحة امام مثل هذه الملفات، وغيرها مما يتعلق بأزمات الاقليم وتداعياتها التي تنعكس سلبا على بلدنا، لا يمكن ان نبقى نحدّق في مرايانا دون التفكير والبحث عن معالجات حقيقية، واهمها في تقديري العمل على تمتين الجبهة الداخلية، والحذر ما أمكن من "توليد” الأزمات، والتعامل مع الأحداث، مهما كانت - بمنطق "الدولة” لا بمنطق "المغامرة، وبلغة الحوار لا بلهجة الاستفزاز والتحدي.

إن ما يهمنا ان يخرج بلدنا بسلام من دوامة وعواصف الإقليم وان يشعر الناس فيه بأن هيبة دولتهم مستمدة من رضاهم وقناعتهم، ومن حرصهم على أمنهم، ومن إحساسهم بأنهم مواطنون وشركاء.. وبأن غاية المسؤول هي خدمتهم والبحث عما   يحقق مصالحهم لا أي شيء آخر