فهد الفانك يكتب: حول تقرير ديوان المحاسبة
نشرت الصحف صورتين لرئيس ديوان المحاسبة وهو يسلم تقرير الديوان عن سنة 2012 إلى كل من رئيس مجلس
الأعيان ورئيس مجلس النواب.
يبدو من الصورة أن التقرير ضخم جداً ولا يقل عن ألف صفحة، وأن وزنه عدة كيلو غرامات، وبالتالي من غير المحتمل لأي عين أو نائب أن يحاول قراءته.
يغطي التقرير سنة مضت وانقضت، وذهبت الحكومة أو الحكومات التي كانت مسؤولة خلالها، ولو كان في التقرير قضايا تبرر التحقيق القضائي لكان رئيس الديوان قد أحال تلك القضايا إلى المدعي العام في حينه، أي أن ما في التقرير إشارة إلى أخطاء ارتكبها المحاسبون أو آراء واقتراحات من شأنها توفير المال وتحسين الضبط الداخلي
والواقع أن رؤساء الديوان المتعاقبين كانوا يؤكدون سنوياً أن أعمال الديوان وفرت كذا مليون دينار، مع أن معظم هذه التوفيرات يعود لإلغاء برامج أو مشاريع أو تأجيلها. وهم في ذلك يظلمون أنفسهم ويظلمون أعمال المراقبة التي يقوم بها الديوان تحت إشرافهم، لأن وجود الديوان بحد ذاته يحول دون هدر المال وأعمال الفساد والاختلاس، ولكن هذا الجزء الهام من الوفر لا يمكن حصره في مبلغ يذكر في تصريح، ولكنه بالتأكيد أكبر بكثير من المبالغ التي يقال أن الديوان وفرها.
في هذا المجال يمكن تشبيه أعمال الديوان الرقابية بوجود جيش قوي، قد تمر السنة أو سنوات دون أن يقوم بعمليات عسكرية تدل على أنه حمى أمن البلد واستقلاله كذا مرة، فانجازات الجيش القوي لا تقاس بعدد المرات التي صد فيها عدوانأً، بل في حقيقة عدم حصول الاعتداءات الخارجية لأن البلد يملك قوة الردع وليس غنيمة للطامعين.
يحسن ديوان المحاسبة صنعأً إذا كان أكثر انتقائية، وأرسل تقارير متعددة عن نتائج التدقيق إلى مجلسي النواب والأعيان في اوقاتها، دون الانتظار عدة أشهر بعد انتهاء السنة، فالتقارير الفرعية يمكن معالجتها في حينها، بتحويلها إلى إحدى لجان المجلسين التي يخصها موضوع التقرير.
يبقى أن بعض القضايا التي يمكن أن يكتشفها ويصححها مدققو الديوان يمكن أن تكون نتيجة اخطاء جرى تصحيحها في حينه ولا داعـي لتوثيقها في التقرير، أو اجتهادات للمسؤول الإداري صاحب القرار لأن المدقق ليس صاحب قرار في موضوع البحث، بل يعمل للتأكد من عدم مخالفة القوانين والأنظمة.
ما يستحق التضمين في القرار هو القضايا الكبيرة التي يقع حولها خلاف مع السلطة التنفيذية ويريد الديوان أن يبت المجلس بها.