الديون السيادية وآليات اتخاذ القرار الاقتصادي
لديون السيادية يمكن أن تشكل أزمة عند فشل الحكومة في خدمة ديونها وخاصة المقومة بالعملات الأجنبية. لذلك تحرص معظم حكومات العالم على ألا تفشل في سداد التزاماتها نحو ديونها السيادية، بغية الحفاظ على تصنيفها الائتماني في سوق الاقتراض.
فتوقف الحكومة عن السداد، أو نشوء إشارات تشير إلى ذلك، يؤدي إلى فقدان ثقة المستثمرين في الأسواق الدولية الأمر الذي قد يجنبهم الاشتراك في أي مناقصات لشراء سندات الدولة المعنية في المستقبل.
وأكثر من ذلك فإن ردة فعل المستثمرين لا تقتصر على أولئك الذين يحملون سندات الدولة، وإنما يمتد الذعر المالي أيضًا إلى باقي المستثمرين الأجانب في هذه الدولة من غير حملة السندات مثل ما حدث في الأرجنتين عام 2001 عندما دفعت أزمة الديون السيادية المستثمرين الأجانب لسحب استثماراتهم من الأرجنتين.
الدول التي تقع في أزمة ديون سيادية، غالبًا ما تلجأ إلى محاولة تدبير الأموال اللازمة بطرقها الخاصة، وإذا فشلت فإما أن تلجأ إلى المؤسسات غير الرسمية مثل نادي باريس، أو إلى المؤسسات الرسمية الدولية مثل صندوق النقد الدولي.
حيث يقوم الصندوق بتقييم أوضاع الدولة، فإذا كان التوقف عن السداد مرده إلى ظروف طارئة، فإنه يعقد معها اتفاقا يتم بمقتضاه منحها تسهيلات نقدية بالعملات الأجنبية بما يوازي نسبة محددة من حصتها لدى الصندوق، من دون أن يفرض عليها إجراءات لتصحيح هيكلها الاقتصادي والمالي. أما إذا كان التوقف عن السداد عائدًا إلى مشكلة هيكلية مرتبطة بضعف إيرادات الدولة أو سوء عملية تسعير السلع والخدمات العامة، أو سوى ذلك، فإن الصندوق يشترط أن ترتبط عملية تقديم المساعدة للدولة، بضرورة اتباعها برنامجًا يتضمن مجموعة من الإجراءات لإصلاح هيكلية ميزانيتها العامة، وتخفيض العجز في ميزان مدفوعاتها، وتحسين قدرتها على الاقتراض والسداد في المستقبل.
الأردن ينفذ اتفاقية موقعة مع صندوق النقد الدولي منذ شهر آب 2012 ويفترض أن نصل في نهاية تلك الاتفاقية الى مرحلة تمكن المملكة من تحسين تدفقات ايراداتها المالية وتحسين آلية تسعير بعض السلع والخدمات كالكهرباء والمشتقات النفطية.
حصافة القرارات الاقتصادية في هذه المرحلة هي التي ستمكننا من الوصول الى مرحلة نعتمد فيها على ايراداتنا المحلية ليصبح قرارنا الاقتصادي أكثر سيادية.
المؤشرات المتوفرة لا تشير الى حصول أية تغيرات ايجابية في آلية اتخاذ القرار الاقتصادي في الاردن.
هنالك حاجة ماسة لتقييم آليات صنع واتخاذ القرار الاقتصادي من قبل جهة محايدة مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتوصل الى سبل محددة لتحسين تلك الآليات وتطويرها لتصب في مصلحة المواطن والقطاعين العام والخاص في المملكة.
د.عدلي قندح