صندوق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة


أصدرت سلطنة عُمان منذ عدة أيام مرسوما بإنشاء "الهيئة العامة لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة" وهي خطة مهمة في دولة تبحث عن إدماج الشباب في الحياة الاقتصادية والتنمية في شتى ولايات السلطنة، وتسعى للخروج من مفهوم البحث عن الوظيفة إلى ريادة الأعمال وتحقيق الدخل بعيدا عن الوظيفة في القطاع العام أو انتظار ظروف القطاع الخاص لاستيعاب الأفواج القادمة من شتى مراحل التعليم.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل أكثر من ثلثي الاقتصاد في العديد من دول العالم المتقدم، وتلقى الدعم والاهتمام والتمويل لأهميتها في توليد الدخل وفي استيعاب عمالة الشباب وفي إخراج مشروعات ريادية كبرى والتي من أمثلتها مشروع الفيسبوك الذي خرج من مشروع ريادي لطالب في جامعة هارفارد.

المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي المخرج الحقيقي لاقتصادنا لأنها ستشغل أكبر عدد ممكن من ما يزيد على 100 ألف وظيفة مطلوبة سنويا في الاقتصاد الوطني، خلافا للبطالة المتراكمة، وهي السبيل لانخراط الشباب في مشروعات تدر الدخل عليه وتحقق طموحاتهم في خدمة أنفسهم وعائلاتهم وقراهم ومدنهم، وهي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يخرج عنها مبادرات مدفونة لا نعلم عنها في العديد من المحافظات خارج عمان.

بيد أن ما أطلقته الحكومات لدينا في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتنمية المحافظات يدعو للاستغراب، فالشروط التي تبدأ بضرورة أن لا يقل حجم المشروع أو التمويل المطلوب عن 100 ألف دينار تدعو للوجوم أمام شباب المحافظات الذين يبحثون عن تمويل بمبالغ بسيطة لبدء أعمال تتناسب وما يفكرون به بحيث يظهر مبلغ المائة ألف دينار معجزة لا يمكن تحقيقها بل هي تكفي لتمويل ما قد يصل من 500 إلى 1000 مشروع في محافظات الجنوب والشمال وفي العديد من المبادرات الشبابية.

ويكفي القول إن مشروع الفيسبوك بدأ بقرض تمويل بمبلغ 1200 دولار، أي حوالي 800 دينار أردني. وبات صاحب المشروع، مارك زوكربيرج وعمره اليوم 29 عاما، ملياردير بثروة تفوق 4 مليارات دولار، ويحتل المروع سبع عمارات ويوظف مئات الشباب.
متى يمكن أن نستفيق إلى ما يريده الشباب ونحقق رغباتهم؟! ومتى نعيش الواقع ونخطط من الأرض وليس من الأبراج؟!!
اختتم بما دعوت إليه في هذه الزاوية من قبل، من رجاء وتوسل بضرورة إنشاء صندوق ممول من المنحة الخليجية لتمويل ودعم مشروعات الشباب الصغيرة والمتوسطة وفق أسس مقبولة ويدار بشفافية من قبل جهاز مستقل بإدارة مشتركة من خبراء قطاع خاص ومتخصصين، وبمشاركة خليجية للاطمئنان على التوجهات الحقيقية للصندوق، ويكون هدفه تمويل مشروعات ريادية بكلف بسيطة مقبولة ويقوم ببناء قدرات الشباب في مجال دراسة الجدوى وتسويق المنتجات ويخرج عن بيروقراطية إدارة الأمور في الحكومة، الفكرة قائمة بحاجة إلى تطوير وإلى من يتبناها، فهل من مستجيب؟!.
مبروك لسلطنة عُمان هيئتها الجديدة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولنا فيها القدوة إن شاء الله.