قاس، ظالم، مخادع، جبان، كاذب، متلون، خائن، طماع، لص، مخرب، قاتل. هذه هي صفات وطبائع العربي لدى الشباب اليهودي في فلسطين المحتلة. فلقد باتت العنصرية مسألة محسومة في إسرائيل، وهي متأصلة في المجتمع الإسرائيلي بكل تفرعاته، فأنت تجدها في الحكومات، والأحزاب الحاكمة والمعارضة، مثلما تجدها في تصريحات الكهان والقضاء بل وحتى في التعليم، لدرجة تقنعك أن التحول في إسرائيل نحو اليمين ليس تحول أحزاب سياسية بل تعصب أجيال.

على الأرض، يتضح الأمر بوضوح. فقد كشفت سلسلة تقارير نشرت في اسرائيل مؤخرا، استفحال العنصرية الشرسة بين الفتيان والشبان اليهود. في الأشهر الأخيرة، زادت الاعتداءات على الفلسطينيين العرب في عدد من المدن. وعلى رأس هؤلاء المعتدين «المستوطنون» الذين يقومون بأعمال انتقامية تحت شعار (دفع الثمن)، مدعومة ومسنودة من الكنيست (البرلمان) المتطرف وحكومة اليمين الاسرائيلية عبر سن القوانين العنصرية، التي تسوغ لهؤلاء مواصلة إجرامهم المنظم، وبذلك فإن إرهابهم لا تقع مسؤوليته عليهم فقط بل وعلى عاتق الكنيست والوزراء والحاخاميين.

ويرصد الصحفي المعروف (أوري كاشتي) محادثات له مع طلبة مدارس في مرحلة التوجيهي، يجاهرون بعدائهم للعرب، ومنهم طالبة تدعو الى ارتكاب «محرقة ضد العرب»، على شاكلة «محرقة» اليهود التي ارتكبتها النازية. ونقل تقرير نشرته صحيفة «هآرتس»، عن استشراس العنصرية في القدس المحتلة، ليس فقط في الأحياء الاستعمارية/ «الاستيطانية» في القدس الشرقية المحتلة، بل ايضا في الشطر المحتل منذ 1948، نقل عن معلمي مدارس إسرائيلية، قولهم، إنهم في حالات معينة يتخوفون من صد الطلاب في عنصريتهم، نظرا للأجواء السائدة في الصفوف المدرسية. وتقول إحدى المعلمات، «إنني أخاف من الطلاب، فإذا ما طرحت امامهم مواضيع مثل حقوق الانسان وحرية التعبير فسيتم اعتباري يسارية، ومن ثم سيتحول النقاش الى نقاش سياسي حزبي، ويشتد صراخ الطلاب».

ويقول (بول أر. بيلار) أستاذ زائر في جامعة «جورج تاون للدراسات الأمنية» في مقال بعنوان (تنامي التعصب في إسرائيل) نشر في «ذا ناشيونال إنترست»: «تظهر معدلات الولادات العالية بين غلاة المتشددين اليهود –وبالتالي تزايد وزنهم الديمغرافي والسياسي المتنامي- اتجاهات تنامي التعصب في إسرائيل. لكن ثمة ما هو أكثر من ذلك في دولة يتأتى تعريف وجودها وهويتها استناداً إلى دين أو عرق مفرد. ولا يعني هذا التعريف خلق طبقة ثانية من المواطنين الذين لا ينتمون إلى ذلك الدين وحسب، لكنه يجند سلطة الدولة أيضاً لخدمة غايات طائفية لكل من يحدد بمزيد من التفصيل طبيعة الدين المهيمن». 

في مقال كتبه (برادلي بيرستون) وهو يهودي اميركي تعلم في ولاية كاليفورنيا وهاجر الى اسرائيل في 1976 يقول: «انني ادرك الآن انني إلغائي وان الاحتلال عبودية. كما ادرك انني بحاجة لايلاء مزيد من العناية الى ابراهام لينكولن، وقدرته على ان يذكرنا جميعاً بالحكمة المخبأة في ما هو واضح». ويتحدث (بيرتسون) في مقاله عن فيلم (ابراهام لينكولين)، ويسقط الأمر على الواقع المعاش في إسرائيل اليوم فيقول: «أعرف شيئاً ما عن التاريخ الاميركي. واعرف الكثير عن الحرب الاهلية. ولكن بالنسبة الي والى زوجتي كانت الساعتان ونصف الساعة التي شاهدنا فيها «لينكولن» وقتاً قضيناه في مشاهدة اسرائيل وهي تمزق نفسها حتى الموت بشأن كيف تكون صلتها، او كيف تتجنب ان تكون لها صلة، بالفلسطينيين كبشر». ويضيف: «أدرك الآن ما الذي يجعل كلمة «أبارتايد» مصطلحا سهلا جداً مألوفاً في ماديسون افنيو (شارع مشهور في نيويورك) يعبر عما هو الاحتلال وماذا يفعل في واقع الامر. ان الاحتلال عبودية. باسم الاحتلال، عومل جيل بعد جيل من الفلسطينيين كأملاك. يمكن نقلهم حسب المشيئة، وتقييدهم بالأصفاد، وتعذيبهم، وتشتيت عائلاتهم. يمكن حرمانهم من حقهم في التصويت، وفي امتلاك عقارات، وفي الالتقاء بأفراد عائلاتهم وأصدقائهم أو التحدث اليهم. ويمكن أن يطاردهم أو يقتلهم بالرصاص أسيادهم الذين يدعون مكانتهم بموجب حق توراتي، وان يستخدموهم ايضاً ليبنوا ويشتغلوا في المزارع التي لا يمكن ان يأمل الكادحون في امتلاكها ابداً. الاسياد ينزعون عنهم الصفة الانسانية ويطلقون عليهم اسماء الوحوش.

أما رجال الدين فيفتون، باسم الله والتوراة، بان من المباح التمرد على الحكومة (الإسرائيلية)، وضد الجيش، من أجل حماية المزارع وقدسية مؤسسة الاحتلال». ويختم بما قاله (لينكولين): «(أولئك الذين ينكرون الحرية للآخرين، لا يستحقونها لأنفسهم). (كلما سمعت أي أحد يدافع عن العبودية، أشعر بدافع قوي لرؤيتها وهي تُفْرض عليه شخصياً)». والحال كذلك، أوليس من حقنا الاستنتاج بأن ما يجري ويمارس في «إسرائيل المعاصرة» بالذات إنما هو تعصب أغلبية، أو تعصب أجيال، وليس تعصب أحزاب حاكمة فحسب؟