"النظام" خرب الحراك واجتث قياداته وعزل جماهيره .. فهل نصحى قبل ان يهدد وطننا ووجودنا وهويتنا ..؟؟


علي الحراسيس
من المؤسف والمحزن وغير المفيد بل ومن الضار في مسيرة الحراك أن يتمسك البعض بجملة من الشعارات التي يرددها منذ عامين ونصف وهو يعلم انها لن تجلب له داعما او ناشطا جديدا حتى لو دار البلاد طولا وعرضا , ولم تنتج لدى الناس وعيا
حقيقيا تجاه ألأخطار التي تحدق بهم ، ولن تدفع النظام للاستجابة لتلك المطالب ، لأن الزخم والشعارات والأدوات باتت بالية قديمة لم يعد النظام يخشاها ،فهي محصورة بنشاط اسبوعي نحن من اخترنا ادواته وشكله ، ولم يفرض علينا ، فعالية او " زفة " نقيمها مدة ساعة ، تنطلق من أحد دور العبادة ومن ثم تنتهي، روتين مملّ لا فائدة ترجى منه، وبالتالي التزم الناس بيوتهم بعد أن ملّوا تلك الاسطوانه ، وخشيوا من الفوضى التي ينادي بها البعض والمتعلقة بتغيير النظام أو اسقاطه ولم تتحقق شروطها بعد .

النظام يبدو أنه أبقى تلك الحراكات حبيسة تلك الشعارات، لانها لا تضره ولا تحمل أي سمة للتجديد والتطوير تهدد الكيان برمته ، ولم تتعرض تلك الحراكات في برامجها لمخططات واجندة يخطط لها النظام ويسعى لتحقيقها على حساب المواطن وبلاده ، وحالت تلك الروتينية عن انتباه الناس تجاه تلك الاخطار التي تطرأ .

بلادنا تمر بتحديات كبيرة على مستويات أمنية واقتصادية وسياسية وأزمات هوية وحتى صراع وجود ، والبعض لا زال ممسكا بنفس الشعار الذي انطلق منه منذ عامين ونصف ،وما احداث معان وما يخطط لها إلا نموذجا من مخططات النظام التي اشغل الحراك نفسه عنها الاسبوع الماضي بمسيرات وفعاليات ليست ذات اولوية مقارنة بما يجري في بلادنا ومن المؤسف ان يدافع البعض عن تلك الادوات التي يستخدمها، رافضا بل ومحاربا كل من ينتقدها او يطالب بتجديدها لانه بات أسير تلك الأدوات .
كتاب وساسة ومثقفون حذروا من مغبة الاستمرار بنفس الطريقة التي اعتادها بعض الحراكيين في سعيهم لتحقيق الإصلاح ، ودعوا الى امتلاك مشروعا اصلاحيا شاملا ينادون به بعيدا عن كل تلك الاستعراضات ، والنتيجه، أذن من طين وأخرى من عجين ، والحال على ما كان عليه منذ عامين ونصف .

باختصار نحن قدمنا للنظام خدمة مجانية حين حولنا الحراك الى " زفة " اسبوعية نتنقل بها من مكان الى أخر ، تثير انتباه وغرائز المراهقين والمتهورين والمندفعين من غير النُخبة لما تحتويه من رفع شعارات رنانه تدغدغ عواطف البعض الذي اعتقد أن الحراك الشعبي والحركة المطالبة بالاصلاح تُختزل في تلك الشعارات ،فتنتهي الزفه بعد ساعة من انطلاقها بانتظار زفة جديده في الأسبوع القادم تقام إما بنفس المكان أو تنتقل الى مكان اخر.

باختصار البعض حوّل الحراك الى ما يشبه العربة القديمة والمزعجه التي تمر كل اسبوع بالقرب من بيت يشعر أهله " بدوشة " عابرة لا تضر البيت ولا اهله ،وطالما أن الحراك لا يمتلك مشروعا اصلاحيا متكاملا تجمع عليه قوى الحراك وتدعمه قوى من أجل تحقيقه ضمن أدوات وروافع عقلانية فاعلة قابلة للتحقيق يجري الاتفاق عليها ، وفي ظل ازمة وشرذمة أصابت الحراك واصابته بالتكلس ، فإن الاستمرار على نفس الموال والإصرار على اتباع نفس المنهج الحالي لبعض الحراكيين لن يصيب هدفا ولن يحقق رغبة الناس بما خرجوا اليه منذ عامين ونصف .

للنظام مبدأين لتخريب الحراك ، اجتثاث القيادة، لأنها هي التي تسمح بالحفاظ على التوجه و تجسيده ،وكذلك عزل الجماهير عن الحراك بوسائل شتى ، لكن على العموم، تلك القيادة هي التي عزلت نفسها ولم تنجح في استقطاب الناس تبعا لركاكة وضعف برامجها وشططها او ميلها نحو مغامرة لايحمد عقباها ، وهي بالدرجة الأولى لا تملك مشروعا اصلاحيا شاملا يلتف الناس حوله ،فعملنا دون قصد على عزل الجماهير عن الحراك بالرغم انها صانعة التغيير ، وقدمنا للنظام خدمة كانت ضمن أهدافه التي سعى لتحقيقها منذ زمن ، بل ووصل البعض من الناس لمعاداة الحراك والوقوف في وجهه ، لما تلمسه من شطط واستعراض ومغامرة قد تجره الى الفوضى ، وتلك تمثل تحريفا خطيرا شكل الخطر الاساس على الحراك الشعبي دفع الناس للابتعاد عن المشاركة او التضحية من أجل تحقيق الهدف ، بل أن الغالبية من الناس تؤكد ان الحراك قد انتهى ، وان ما تبقى منهم في الشارع ليسوا اكثر من "فلول " لن يستمروا طويلا بفضل ما ينتهجونه من مسلك مغاير مخالف لرغبات الناس وتوجهاتها وحتى في قيّمها الثقافية التي يرى بعض الحراكيين أن التعد عليها مسألة خلافية هدفها خدمة الحراك !!

المبادرة لازالت بأيدينا كي نرتقي ونتقدم بالاتجاه الصحيح ،والمبادرة لاتكون إلا بتوحيد الجهد ومأسسة الحراك والانتقال به الى مرحلة جديده من الأداء السياسي الرفيع وادواتها النضالية الرفيعة ، لأن الشروط الأساسية لتعظيم الحراك واحداث التغيير وزيادة تفاعل الناس والتفافها حول الحراك حاضرة بقوة في ظل ازمة اقتصادية واجتماعية وسياسية يتحمل تبعاتها الشعب دون غيره ، ولا يجوز أن نبقى أسرى برامجنا السابقة التي بدانا فيها الحراك ونغمض أعيننا عن تحديات وتطورات تنال من حقوق المواطن وتهدد رغيف خبزه واستقراره وحتى هويته الوطنية ،

 فلطالما ان شروط " النهضة " حاضرة فعلينا العمل بسرعة قبل ان ينتقل بنا النظام الى مرحلة اخرى أشد وطاة واكثر معاناة واعظم تهديد لوطننا وارادتنا، وقد تنال من وجودنا وهويتنا وتضعنا في أزمات اعظم مما نواجهه، نتحسر فيها لاسمح الله على واقع كنا نعيشه في مرحلة ما قبل الحراك ...