قرأت في «المجلة العسكرية» عدد 98 - نيسان 1972 حديثاً للمغفور له جلالة الحسين المعظم خلال ترؤسه اجتماعاً عسكرياً حضره جميع قادة وأركان الجيش ورجال الدولة. الاجتماع دام تسع ساعات ونوقشت فيه مواضيع مهمة ألخصها:
1. أسلوب الصراحة والوضوح والتشاور حيث شدد جلالته على ضرورة التشاور حول شؤوننا وقال أن هذا ما اعتدته دوماً عليه معكم. وأن قواتنا العربية الباسلة تبقى في كل الظروف راسخة في هذا البلد رمزاً لوقوف أبناء الأردن جميعهم يداً واحدة وقلباً واحداً وإرادة واحدة. ولقد استطعنا وبحمد الله أن نعيد الاستقرار والأمن لربوع وطننا.
2. الوضع العربي ينذر بمزيد من الكوارث. قال جلالته أن المواطن العربي يحار أمام هذا الواقع فبدلاً من وجود المنطق والعقل في مواجهة الظروف التي تمر بها امتنا العربية والتي سببت لها الكوارث، وبدلاً من أن نعيد النظر فيها، نجد أن التمزق يحتاج امتنا بإتباع نفس السبل التي أدت إلى الكارثة. وإذا استمر الحال كذلك فلا شك سنواجه المزيد من المحن. وأن عدم التخطيط والتنظيم وحشد الطاقات والإمكانات في وجه الخطر المحدق، فإننا سنخسر كل شيء. وأشار للتناقض في مواقف البعض الذين بنوا فلسفتهم على محاربة الانتماء للوطن. وإننا نقف على أطول خط للمواجهة وأخطرها، وهذا لا ينكره أحد. وأي خلل بصمودنا على هذه الأرض يعني النهاية ونكبة العرب.
3. يريدوننا كبش فداء ليخفوا فشلهم. هناك تركيز على ذلك، لكن بوحدة أبنائه وقدراتهم وتحديهم للأخطار، جعل منا قوة تنظيم ودولة مؤسسات لا أشخاص فقط. وذلك من خلال الوعي والإدراك، وما يطلب منا من بذل وعطاء. وإذا استمرت أوضاع العرب كما هي فسيكون هناك تفريطاً في حقوقنا.
4. مشروع الوحدة بين الضفتين. لقد كان المشروع حصيلة جهد لأبناء القضية وأصحاب الحق في كلا الضفتين. ولم يكن مجرد مشروع، بل حصيلة بحث وتشاور. وكنا نتخذ من منطلق الثورة العربية الكبرى أساساً لعملنا، فنحن شعب واحد وسنبقى كذلك دوماً.
5.الانتقادات الموجهة لنا تتناقض مع المنطق. خاصة بما يتعلق بوحدة الضفتين. وكان أساسه مستقبل القضية الفلسطينية. وأننا نقول أنها ليست مخططات لوطن بديل. وعلينا العمل لإقامة الكيان الفلسطيني على ارض فلسطين وتراثها المقدس. واستغرب جلالة الملك رحمه الله الشائعات التي تطلق وأكد أن اجتماعنا اليوم هو ظاهرة نعتز بها، ويأتي لتقييم المواقف والانجازات «ونؤكد أن قواتنا المسلحة ستظل أبداً في الطليعة وفي القمة في وطننا الكبير».
حديث المغفور له الحسين وتطلعاته استمرت ليومنا هذا. فلقد حملها بكل إخلاص وانتماء جلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم. ولقد حمل رسالة الحسين وتابع المسيرة وها هو جلالته يصل الليل بالنهار من أجل عزة الأردن والعرب ودعم قواتنا المسلحة الباسلة وأجهزة أمننا الشجاعة. ورعايته العظيمة لأبناء شعبه المخلص. أرجو أن نتعظ من حديث الحسين قبل أربعين عاماً.