الاقتصاد الوطني يعاني من ضغوطات مستمرة، وكل ازمة يخرج منها سرعان ما يدخل في ازمة جديدة، وهكذا يستمر المشهد دون انقطاع، وبات الامر مألوفا للحكومة وللمواطنين معا.

التحديات التي تعصف بالاقتصاد الوطني هي ذات الشكل منذ عقود، ارتفاع فاتورة الطاقة، وتداعيات الاقليم المضطرب، وصعوبة تنافسية صادراته، وغيرها من التحديات التي لم تغب ابدا عن المشهد العام للاقتصاد.
اليوم بدات ملامح هدوء تظهر في الافق نتيجة بعض المؤشرات، فاسعار النفط العالمية بدأت منذ فترة تتراجع عن التقديرات الحكومية في الموازنة العامة، والتي قدرت اسعار النفط ب 100 دولار للبرميل، وها هو يقترب من ال94 دولارا للبرميل، وبالتالي فان كل دولار اقل من ال100 دولار يعني توفير 40 مليون دولار في العام.

استمرار تدفق الغاز المصري دون انقطاع منذ بداية العام يحقق اهم ركيزة للاستقرار المالي في الموازنة التي بدأت عملها بشكل موفق في سنة 2013 على عكس الموازنات السابقة.

التزام الحكومة والنواب بالنفقات المنصوصة عليها في موازنة 2013 دون اية تطورات او استثناءات، وعدم توجههم لاصدار اية ملاحق اضافية للموازنة مؤشر عام على الالتزام بالخطة المالية للدولة للسنة الحالية.
تدفق المساعدات بشكل مبكر عن السنوات الماضية ساهم ايجابيا في تحقيق امرين مهمين، الاول متعلق باستقرار احتياطات المملكة من العملات الصعية والتي اقترب حاجزها اليوم من مستوى ال8 مليار دولار.

الامر الثاني يتعلق بتنفيذ المشاريع الراسمالية بشكل مرن بعد ان تم ضمان التمويل لتلك المشاريع المقدرة في موازنة 2013 بحوالي 1.26 مليار دينار، خاصة ان الصندوق الخليجي وفر ما يزيد عن 70 بالمائة من تمويل تلك المشاريع التي كان تمويلها يقلق الحكومة والتي عادة ما تبحث عن التمويل لها، مما يسبب مزيدا من الاقتراض والمديونية والعجز.

المؤشرات الايجابية السابقة لها اثار ايجابية على المناخ الاقتصادي بشكل عام، وتعطي انطباعات في غاية من الاهمية لدى المستثمرين والمانحين والمؤسسات الدولية، وتساعد الحكومة في اخذ نفس للاستراحة من قرارات صعبة مثل اللجوء الى تعديل اسعار المحروقات باتجاه تصاعدي، او حتى تعديل شرائح التعرفة الكهربائية وهكذا.
لذلك اليوم تواجه الحكومة مع مجلس النواب مسؤولية في تعزيز مسألة الاستقرار المالي الذي تشهده الموازنة العام والذي بدأ ينعكس على مجمل الاقتصاد الوطني، ويكون ذلك بعدم تجاوز الخطوط الحمر التي حددتها خطة الدولة المالية لسنة 2013.

من المعروف ان بقاء تلك المؤشرات الايجابية على حالتها مستمرة دون انقطاع امر مستحيل، فسرعان ما ستنقلب الامور، والعاقل من اتعظ بغيره واستفاد من تجاربه واخطائه السابقة.
سلامة الدرعاوي