صندوق الحج مرة أخرى..



اتصل بي الدكتور وائل عربيات مدير عام صندوق الحج موضحاً فكرة الصندوق الذي كتبت عنه بالأمس منتقداً، وأعترف أن أحداً منّا لم يقنع الآخر بوجهة نظره قناعة تامة، وقد أوضحت له أن فكرة الصندوق رائعة جداً، ولكني أعتقد أنها تحتاج إلى بعض التعديل والتصويب حتى تكون مثمرة ونافعة وأكثر عدالة.. 

وبالرغم من أنني لا أشك قط في النوايا الطيبة للقائمين على فكرة صندوق الحج التي أخذت طريقها للتنفيذ هذا العام، إلاّ أن ربط الموضوع بالحج بهذه الطريقة وتمكين المدّخرين بالصندوق من أداء فريضة الحج ضمن أولوية وكوتا معينة تجتزأ من الكوتا العامة للدولة، فهذا ما أرى أنه يجانب العدالة، على اعتبار أن ذلك يخلق أكثر من معيار أمام الراغبين في الحج، منفصلة عن بعضها البعض تماماً وهو يشوّه وجه العدالة، خصوصاً وأننا نتحدث عن أداء فريضة شرعية وركن أساس من أركان الإسلام.. 

وحتى لا أظلم القائمين على فكرة الصندوق، فإن التصويب الذي أراه هو أن يصبح صندوق الحج هو الأساس المعتمد لكل راغب في الحج من المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، بحيث يكون هو الجهة التنظيمية الوحيدة لذلك، ويكون هو الجهة التي تضع المعايير العادلة بين الناس الراغبين بأداء الحج، فيدّخر فيها الراغبون بالحج كل حسب استطاعته، كما قد يدّخر فيه من أدّى الفريضة سابقاً، ويرغب في الشراكة مع إخوانه في تعزيز موجودات الصندوق وتنمية استثماراته، وأقترح أن يُنصّ أيضاً على تخصيص جزء من عوائد استثمار أموال هذا الصندوق لتمكين الفقراء من أداء الحج،
إضافة إلى دور الصندوق الذي سيتنامى مع السنوات في تنمية الأراضي والعقارات الوقفية.. 

وفي الوقت الذي ندعو فيه إلى توحيد معايير الحج وحصرها في جهة واحدة فقط، فإننا ندعو إلى إلغاء بعثات الحج المختلفة التي تُسيّر قوافلها كل عام على أسس غير عادلة، وتتكبّد نفقاتها الباهظة خزينة الدولة، ذلك أنها لا تتفق مع مبدأ العدالة، والإسلام هو الدين العادل، وركن الحج وشعائره هي الأكثر مدعاة إلى المساواة والعدالة والإنصاف، حيث يقف المسلمون على صعيد واحد وبلباس واحد سواسية لا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى والقرب إلى الله.. 

لا أشك أن فكرة صندوق الحج هي فكرة رائدة، ولكنها تحتاج إلى إعادة مراجعة وتصويب لتحقّق العدالة المنشودة، وإذا أردنا تصويبها فإن علينا أن نبدأ بتنظيم موضوع الحج برمته، بدءاً من إلغاء الاستثناءات الكثيرة التي أصبحت مع الأسف هي القاعدة، ولم يعد المعيار القائم على السن، هو المعيار السائد المعتمد للجميع، فثمّة خروج على هذا المعيار وثمّة تمييز كبير واضح وفاضح بين المسلمين، وهل في الحج تمييز أيها الناس..!! 

أكرر الدعوة إلى إلغاء كل الاستثناءات الخارقة، ووضع معايير واضحة للراغبين في الحج، وأن يكون كل ذلك في إطار صندوق الحج وبتنظيمه ومسؤوليته وإشرافه، فأنْ تكون هناك جهة واحدة هي المسؤولة فذلك أدعى إلى تحقيق التنظيم المطلوب وتوحيد المعايير والأسس، وبالتالي تحقيق العدالة بدلاً من هذه الفوضى التي تصاحب عملية الحج كل عام، وإني أرى أن صندوق الحج هو الجهة التي يمكن أن تضطلع بهذه المهمة العظيمة بعد تعديل قانونه.. والله من وراء القصد..


Subaihi_99@yahoo.com