"إذا هبّت رياحك"
ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻧﻌﻘﺎد اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﻨﺘﺪى اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻷردن، ﺗﻠﻘﯿﺖ ﻋﺸﺮات اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻣﻦ
اﻟﻨﺎس، وﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻋﻦ ﺟﺪوى إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت، وﻣﺎ ﻋﺎﺋﺪھﺎ ﻋﻠﻰ اﻷردن.
وﺑﻌﺪ إﻏﻼق "اﻟﻤﺎﻳﻜﺮوﻓﻮﻧﺎت"، أو إطﻔﺎء اﻟﻜﺎﻣﯿﺮات واﻟﻤﺴﺠﻼت، ﻳﻨﻈﺮ إﻟﯿﻚ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻌﯿﻦ اﻟﺮﻳﺒﺔ واﻟﺸﻚ ﺳﺎﺋﻼً:
ﻓﻌﻼً ﻳﺎ دﻛﺘﻮر، ھﻞ ھﻨﺎﻟﻚ ﻓﻮاﺋﺪ ﻟﮫﺬه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت؟ أﻻ ﺗﺘﻌﻄﻞ اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﯿﺖ؟ أﻻ ﻳﺨﻒ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ
اﻟﻄﺮق، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻘﺒﺔ وﺑﺎﻗﻲ ﻣﺪن اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ؟
وإﻧﺼﺎﻓﺎً ﻟﺒﻠﺪﻧﺎ اﻟﻌﺰﻳﺰ، ﻓﺈن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻨﺴﺎق ﻣﻊ طﺒﯿﻌﺔ ھﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ، أو اﻟﺘﻠﻤﯿﺤﺎت اﻟﻼذﻋﺔ فيها. وﻣﻦ
ﺣﻘﻨﺎ أن ﻧﻨﺘﻘﺪ، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ واﺟﺒﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﻤﻊ.
اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺬي ﻳُﻌﻘﺪ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻷردن، ھﻮ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻋﻦ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ. وﻗﺪُﻋﻘﺪ ﺿﻤﻦ ھﺬا اﻹطﺎر ﺛﻼث
ﻋﺸﺮة ﻣﺮة، ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮫﺎ ھﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻷﺧﯿﺮ. وﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻷﺧﯿﺮة، أي اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺎﺿﻲ،ُﻋﻘﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﺳﻄﻨﺒﻮل
اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ.
اﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ، ھﻮ أن اﻷردن ﻻ ﻳﺘﻜﻔﻞ ﺑﻨﻔﻘﺎت اﻟﻀﯿﻮف؛ ﻓﺎﻟﻜﻞ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻛﺒﯿﺮة، وﻛﻞ ﺷﺮﻛﺔ أو ﺟﮫﺔ ﺗﺸﺎرك ﺗﺪﻓﻊ
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ آﻻف دوﻻر. واﻷردن ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻦ واﻟﺤﻤﺎﻳﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻘﻮم ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺮﻛﺎت
ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﻔﻞ ﻏﺪاء أو ﻋﺸﺎء. وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺪﻋﻮﻳﻦ ﻟﯿﺴﻮا ھﻨﺎك ﻟﻠﻄﻌﺎم، ﺑﻞ ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﮫﻤﺔ، وإﻟﻰ ﻣﺎ
ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﻤﻀﯿﻔﻮن ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺎﺗﮫﻢ وﻣﺸﺮوﻋﺎﺗﮫﻢ وﻧﺸﺎطﺎﺗﮫﻢ.
وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺎس وإزﻋﺎجهم، ﻓﺄﻗﻮل: ھﻞ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻀﯿّﻊ ﻓﻮاﺋﺪ ھﺬا اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺑﺘﺨﻔﯿﻒ اﻹﺟﺮاءات اﻷﻣﻨﯿﺔ؟ أﻟﻢ ﻳﻜﻦ
أﺣﺪ اﻷھﺪاف اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ ھﻮ ﺗﺒﯿﺎن ﻣﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻷردن ﻣﻦ أﻣﻦ واﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺸﮫﺪ وﻳﻼت وﺣﺮوﺑﺎً وﺳﻔﻚ
دﻣﺎء؟ وﻣﺎذا ﻛﺎن ﺳﯿﺤﺼﻞ ﻟﺴﻤﻌﺔ اﻷردن ﻟﻮ وﻗﻊ، ﻻ ﺳﻤﺢ ﷲ، ﺣﺎدث أﻣﻨﻲ؟!
ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺤﻀﻮر اﻹﻗﻠﯿﻤﻲ واﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺷﺎھﺪاً ﻋﻠﻰ إﻧﺠﺎزات مهمة، ﻣﺜﻞ اﻓﺘﺘﺎح ﻓﻨﺪق ﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻀﻤﺎن
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﯿﺖ، وﺗﻮﻗﯿﻊ اﺗﻔﺎﻗﯿﺎت ﺳﯿﺎﺣﯿﺔ واﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﺔ. وﺷﮫﺪ اﻟﻨﺎس، ﺑﺈﺷﺮاف
ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ وﻟﻲ اﻟﻌﮫﺪ، ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﺷﺒﺎب اﻷردن إﻧﺠﺎزه ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎً.
وھﺬا ﻛﻠﻪ ﻳﻌﻨﻲ أن وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺪوﻟﻲ ﺳﻮف ﺗﻨﺸﺮ ھﺬه اﻷﺧﺒﺎر، وﺗﻌﺰز اﻻﻧﻄﺒﺎع اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﻮد، وھﻮ أن
اﻷردن اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً، ﻣﺎ ﻳﺰال ﻗﺎدراً ﻋﻠﻰ ﺟﺬب اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر، وأﻧﻪ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ أرﺿﻪ وﺗﻨﻈﯿﻢ
ﻣﺆﺗﻤﺮات ﺑﻜﻔﺎءة.
وﻛﺬﻟﻚ، شهدنا ﺗﻌﺰﻳﺰاً ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷردﻧﯿﺔ-اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ، ﺑﺤﻀﻮر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻟﺪﻳﻨﯿﺔ ﻣﻦ
دوﻟﺔ اﻟﻌﺮاق اﻟﺸﻘﯿﻖ. وﻗﺪ أﻛﺪت اﻟﻠﻘﺎءات ﻋﻤﻖ اﻟﻌﻼﻗﺔ واﻟﺘﺮاﺑﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﯿﻦ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ.
أﻳﻀﺎً، ﻓﺈن اﻷردن ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻓﯿﻪ اﻟﻤﻌﻨﯿﻮن اﻟﻜﺒﺎر ﻹﺣﯿﺎء ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺴﻼم اﻟﻤﺘﻌﺜﺮة ﺑﯿﻦ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ وإﺳﺮاﺋﯿﻞ.
وﻗﺪ أﻛﺪ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﻧﺎدى ﺑﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪﷲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﺸﺮ اﻷﺧﯿﺮة، وﺑﺎﺳﺘﻤﺮار وﺗﺼﻤﯿﻢ، ﺣﻮل ﺿﺮورة
ﺣﻞ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺣﻼً ﻋﺎدﻻً ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ، وأن اﻹﺟﺮاءات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻹﻧﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎد
اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺪﻳﻼً ﻋﻦ اﻟﺤﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﻮھﺮﻳﺔ، وأن اﻟﺤﻞ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﺆﻗﺘﺎً ﺑﻞ داﺋﻤﺎً. أم أن
اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻷردن؟!
اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أردﻧﯿﺎً، وﻟﻜﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﻛﺎﻧﺎ أﻛﺒﺮ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ. وھﺬه ھﻲ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﺒﯿﺖ
اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ "إذا ھﺒﺖ رﻳﺎﺣﻚ.. فاغتنمها".