صندوق الحج والتمييز على أساس المال..!

  



بقلم: موسى الصبيحي
قرأت الكثير عن صندوق الحج الذي تم تدشينه حديثاً، على الرغم من أن قانون وزارة الأوقاف نص عليه منذ عام 2001، والفكرة التي يقوم عليها هذا الصندوق أنه صندوق إدّخاري استثماري، وهو ليس لصالح الحج كعبادة وكركن من أركان الدين، وإنما يصب في تمكين المدّخر من التنافس على مقاعد الحج المخصصة للمملكة سنوياً، حيث تم تمييز صندوق الحج والمدّخرين فيه بكوتا بنسبة (20%) من هذه المقاعد..!
والسؤال الذي نطرحه: هل التمييز في العبادة على أساس القدرة على الادّخار وإعطاء فرصة وحصة أكبر للقادر على الإدخار في صندوق الحج مقبول من النواحي الشرعية والموضوعية والإنسانية والدستورية ومن ناحية العدالة ومن مبدأ أن الجميع متساوون أمام القانون..؟! ونتبع ذلك بسؤال آخر موجّه للقائمين على فكرة الصندوق: هل أنا أُحرم من الحج رغم قدرتي المادية عليه، إذا لم أكن مدّخراً لدى الصندوق، وأتنافس مع المتنافسين سنوياً وفقاً لمعيار السن.. أما منْ يرغب بالادّخار في صندوق الحج فيحوز على فرصة أكبر لأداء الفريضة من خلال الكوتا التمييزية للمدّخرين
لدى الصندوق..؟!
والسؤال الآخر: ألا تعتقد وزارة الأوقاف ومديرية الحج فيها، وقد سمعنا مدير الحج مؤخراً يصرّح بأن المعيار الوحيد لتنافس على الحج هو العمر ولن يكون هناك أي استثناءات على هذا المعيار، ألا تعتقد الوزارة أن تخصيص كوتا للمدّخرين في صندوق الحج يتعارض مع مبدأ العدالة والإنصاف ويلحق ظلماً بأولئك الذين ما زالوا ينتظرون أن يأتيهم الدور لأداء الفريضة وفقاً للمعيار المعلن وهو معيار العمر..؟؟!! وكيف نعطي من يرغب في الإدخار فرصة أكبر ممن لا يرغب بالادخار لديكم، رغم أن الأخير قد يكون يملك المال، فكيف نعطي لهذا كوتا للحج فيما يُحرم الآخر ويقال له
ليس أمامك إلاّ انتظار دورك على أساس عمرك فتتنافس مع المتنافسين..!!؟
وإذا كانت أهداف صندوق الحج المعلنة هي التشجيع على الإدّخار لتغطية نفقات الحج والاستثمار الحلال وتنمية الأراضي والعقارات الوقفية وتوثيق الصلة بين المسلمين، فجميعها يمكن تحقيقها عبر وسائل أخرى، وبدون إعطاء أولوية وكوتا للمدّخرين من مقاعد الحجيج المخصصة للأردنيين على حساب آخرين لا ذنب لهم سوى أنهم غير قادرين على الإدخار بمبالغ تصل في حدّها الأدنى إلى ثلاثة آلاف دينار لتمكينهم من المنافسة على مقعد حج على الرغم من قدرتهم على تأمين نفقات حجهم في حدودها الدنيا وذلك هو الجزء الرئيس من الاستطاعة الواردة في قوله تعالى (ولله على الناس
حِج البيت من استطاع إليه سبيلاً..)..
نريد إجابة واضحة من مفتي عام المملكة ومن وزير الأوقاف والعلماء: هل فكرة صندوق الحج وآلية عمله تتفق فعلاً مع الشريعة ومباديء العدالة والإنصاف، وهل نحن مخطئون إذْ نراها قائمة على التمييز على أساس المال والرغبة بالادخار وإلحاق الضرر بالآخرين من خلال اجتزاء حصة من مقاعد الحج لهؤلاء المدّخرين على حساب المنتظرين من كبار السن..!!
إذا لم تكن فكرة الصندوق فكرة عادلة ومشروعة، فالأولى أن تقوم وزارة الأوقاف بإلغاء الصندوق فوراً أو تصويب فكرته بما يصب في الشرعية والعدالة والإنصاف.. والتراجع عن الخطأ ليس فقط فضيلة، ولكنه واجب أولاً وقبل أي شيء..!

Subaihi_99@yahoo.com