شباب فوق السبعين


ھﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﺰاوﻳﺔ اﻟﻨﺎﺋﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة، رأيتها وھﻲ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺨﻔﻲ وجهها ﻋﻦ اﻟﻜﺎدر، ﻟﯿﺲ ﺧﺠﻼ ﻣﻦ واﻗﻌﮫﺎ
اﻟﺠﺪﻳﺪ، اﻟﯿﺎﺋﺲ واﻟﺤﺰﻳﻦ "ھﻜﺬا ﺻﻨﻔُﺘﻪ وﺣﻜﻤُﺖ ﻋﻠﯿﻪ"، إﻧﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ إﺣﺮاج ﻋﺎﺋﻠﺘﮫﺎ وﺗﺸﻮﻳﻪ
سمعتهم.

ﻗﻤﺔ ﻓﻲ اﻷدب واﻻﺣﺘﺮام واﻟﺘﻜﯿﻒ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺬﻛﺎء ﻓﻲ اﺟﺘﺮار ﺑﻞ واﺧﺘﺮاع اﻟﻤﺒﺮرات، اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ وراء وﺟﻮدھﻢ
ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻘﺼﻲ، دار رﻋﺎﻳﺔ اﻟﻤﺴﻨﯿﻦ، أﺑﺪاھﺎ ﺳﻜﺎن اﻟﺪار ﻣﻦ رﺟﺎل وﻧﺴﺎء، ﻗﺎﻣﺖ ﻣﺬﻳﻌﺔ "اﻟﺠﺰﻳﺮة"
ﺑﺎﺳﺘﻀﺎﻓﺘﮫﻢ ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﯿﻦ، ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺣﻮالهم ، ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ أﻋﺪ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ "أﺳﺒﻮع اﻟﻜﺒﺎر" اﻟﺬي وﺿﻌﺘﻪ ﻗﻨﺎة
اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻋﻨﻮاﻧﺎ رﺋﯿﺴﯿﺎ ﻟﺘﻘﺎرﻳﺮھﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ، ھﺬا اﻷﺳﺒﻮع.

ﻻ أﻋﺮف ﻣﻦ أﻳﻦ ﺳﺎق ھﺆﻻء اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮫﺎت ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ دﻋﺖ أﺑﻨﺎءھﻢ، إﻟﻰ وﺿﻌﮫﻢ ﻓﻲ دور رﻋﺎﻳﺔ، وھﻢ
ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﻤﺔ ﻧﺸﺎطﮫﻢ وﻋﺎﻓﯿﺘﮫﻢ، وﺻﺤﺘﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﺠﺴﻤﯿﺔ. طﺒﻌﺎ ھﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻌﻜﺲ ﺗﻠﻚ
اﻟﺤﺎل، اﻟﻮﺿﻊ ﻳﺨﺘﻠﻒ. ﻓﺎﻟﺒﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ وﻟﻜﺜﯿﺮﻳﻦ ﻏﯿﺮي، ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﺮﻓﻮض ﻣﺮﻓﻮض ﻣﺮﻓﻮض!
اﻟﻤﺒﺮرات اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪع اﻷھﻞ ﻓﻲ اﺟﺘﺮارھﺎ دﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ أوﻻدھﻢ، ﻹﻗﻨﺎع اﻹﻋﻼﻣﯿﯿﻦ اﻟﺰاﺋﺮﻳﻦ ﻟﮫﻢ، ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻷﻋﯿﺎد
ﻣﺜﻼ، ﻟﺘﺤﻀﯿﺮ ﺗﻘﺎرﻳﺮ ﺻﺤﻔﯿﺔ ﻣﺜﯿﺮة ﻟﻠﺤﺰن واﻟﺸﻔﻘﺔ، ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺒﺮرات ﺗﻌﺎﻛﺲ رﻏﺒﺔ اﻟﺼﺤﻔﯿﯿﻦ وﺗﺸﺎﻛﺲ أھﺪاﻓﮫﻢ،
ﻓﻲ إظﮫﺎر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﻌﺰﻟﺔ واﻻﻧﻜﺴﺎر، ﻟﮫ ﺆﻻء اﻵﺑﺎء والأمهات ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺘﻌﺎوﻧﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﺮة، ﻣﻊ رؤﻳﺔ اﻟﻤﻌﺪ واﻟﻤﺨﺮج!
وھﺬا أﻣﺮ ﻻ ﻳﻔﺴﺮ إﻻ ﺑﻔﺮﺿﯿﺔ واﺣﺪة، وھﻲ أن أھﺎﻟﯿﻨﺎ ﻻ ﻳﺴﺄﻣﻮن ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ دﻗﺎﺋﻖ ﺣﯿﺎﺗﻨﺎ، وﺗﺠﻤﯿﻞ ﺻﻮرﺗﻨﺎ ﺣﺘﻰ
وھﻢ ﻣﺴﺘﻨﺪون إﻟﻰ ﺟﺪار، اﻋﺘﻘﺪﻧﺎ أن اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺣﺎن ﻟﯿﺮﻛﻨﻮا إﻟﯿﻪ، ﺑﺪون اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﻣﻨﺎوﺷﺎت اﻷﺟﯿﺎل
اﻟﻤﺘﺼﺎرﻋﺔ، وأوﺟﺎع اﻟﺮؤوس اﻟﻤﺘﻨﺎﻛﻔﺔ. أﺣﺪھﻢ ﺑﺮر وﺟﻮده ﻓﻲ اﻟﺪار ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺧﯿﺎره اﻟﺸﺨﺼﻲ، وﺷﺪد ﻋﻠﻰ
ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺨﯿﺎر اﻟﺸﺨﺼﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة. وأﺧﺮى اﻋﺘﺒﺮت أن وﺟﻮدھﺎ ﺑﯿﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﮫﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة، أﻧﺴﺐ ﻟﺴﻨﮫﺎ وﺗﺠﺮﺑﺘﮫﺎ
وﻣﻮاﻋﯿﺪ ﻧﻮﻣﮫﺎ! اﻟﻤﻀﺤﻚ اﻟﻤﺒﻜﻲ أن أﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﻀﯿﻮف، وﻣﻌﮫﻢ أﺻﺤﺎب ﺗﻠﻚ اﻟﺪور ﻣﺼﺮون ﻋﻠﻰ أن اﻷوﺿﺎع اﻟﺼﺤﯿﺔ
ﻟﻠﻌﺠﺎﺋﺰ "ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺴﻜﺮي واﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل"، ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ رﻋﺎﻳﺔ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺣﺜﯿﺜﺔ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫﺎ إﻻ ﻓﻲ
ﻣﻼﺟﺊ اﻟﻌﺠﺰة، وھﺬا ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﺳﻤﮫﺎ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﺑﺪون أﻟﻮان ورﺗﻮش وظﻼل وھﻤﯿﺔ.

أﻣﺎ ﺑﺼﯿﺺ اﻟﻨﻮر اﻟﺒﺴﯿﻂ اﻟﺬي أﻧﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺳﺎﻟﻒ اﻟﺬﻛﺮ، ﻓﻜﺎن ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺒﺎدرة "أﻋﻄﻮﻧﺎ ﻓﺮﺻﺔ" اﻟﺘﻲ
أﺣﯿّﻲ ﺷﺒﺎﺑﮫﺎ واﻟﻘﺎﺋﻤﯿﻦ ﻋﻠﯿﮫﺎ، ﻷﻧﮫﻢ اھﺘﻤﻮا ﺑﻜﺒﺎر اﻟﺴﻦ و"دﻟﻠﻮھﻢ" ﺑﻔﺮﺻﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﯿﺪوﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ
اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺑﮫﺎ وﺑﯿﻌﮫﺎ ﻓﻲ ﺑﺎزارات اﻷﻋﯿﺎد واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت. إﺣﺪاھﻦ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺎﻟﺤﺮف اﻟﻮاﺣﺪ إﻧﮫﺎ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫﺎ
ﺷﺨﺺ ﻣﻨﺘﺞ، وﻟﯿﺴﺖ ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﯿﻤﺎ أﻛﺪ آﺧﺮ أن اﻟﻮﺻﻮل ﻟﺴﻦ اﻟﺴﺒﻌﯿﻦ أو اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻦ، ﻻ ﻳﻌﻨﻲ
ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﺠﺰا ﻛﺎﻣﻼ ﻋﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺤﯿﺎة.

لهذا، وذﻟﻚ اﻟﯿﻮم، ﺗﺨﯿﻠﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺧﺎرج اﻟﻜﺎدر ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﯿﺪة اﻟﻮﻗﻮر، اﻟﺘﻲ ﻗﻠﺖ إﻧﮫﺎ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺨﻔﻲ ﻣﻼﻣﺤﮫﺎ
ﻋﻦ اﻟﻜﺎﻣﯿﺮا. ﺗﺨﯿﻠﺖ أﻧﻨﻲ أﺳﺄﻟﮫﺎ ﻋﻦ أﺣﻮاﻟﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺪار، وﻋﻦ ﺳﺒﺐ وﺟﻮدھﺎ أﺻﻼ وھﻲ أم ﻟﺜﻠﺔ ﻣﻦ اﻷوﻻد
واﻟﺒﻨﺎت، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ. ﺣﺎوﻟﺖ أن أﺿﻊ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻜﺎﻧﮫﺎ، وأﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻼﺋﻘﺔ. ﺗﻌﺮﻓﻮن؟
أﻗﺴﻢ ﺑﺎلله أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻗﺪر!