تصريحات وزير المالية مقلقة


التصريحات الاخيرة التي اطلقها وزير المالية الاسبوع الماضي حول صعوبة الوضع الاقتصادي في المملكة خلال العام الجاري تثير القلق من عدة جوانب .

فالشريك الرئيسي للحكومة في ادارة العملية السياسية والاقتصادية في الدولة وهو مجلس النواب مازال بعيدا عن مفهوم الشراكة الحقيقية في صنع القرار وايجاد البدائل ، لان بعض السلوكيات كانت واضحة انها تتجه الى الشعبية لبعض النواب مع ناخبيهم بغض النظر عن المصلحة العامة .

لذلك بات واضحا اليوم ان الحكومة بحاجة الى دعم النواب في اتفاقه مع صندوق النقد الدولي للحصول على التسهيلات اللازمة لسدة فجوة التمويل الحاصلة في موازنته نتيجة لظروف خارجية اكثر منها داخلية.
تصريحات الوزير الدكتور امية طوقان هي الاولى لمسؤول حكومي يتحدث فيها اخيرا عن خطورة المديونية ، وفي هذا الصدد فان الاولوية هي اعادة النظر في قانون الدين العام الذي يحدد السقف الاعلى للدين الرسمي بنسبة 60 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي ، والتي لم تجاوزها وهي الان قريبة مع دين المؤسسات المستقلة الى نسبة ال80 بالمائة.

هنا يخشى ان يتجه تعديل قانون الدين العام الى تكبير تقديرات الناتج المحلي الاجمالي ، وبالتالي يسمح لمزيد من الاستدانة ، والمطلوب هو حد تدريجي لعمليات الاقتراض ضمن برنامج زمني محدد لايقاف النمو الحاصل في حجم الدين سواء اكان داخليا ام خارجيا ، والذي يتجاوز اليوم ال23 مليار دولار .

الحكومة تواجه مازق تداعيات ازمة الاقليم على الوضع الاقتصادي ، والمقصود بذلك التراجع النسبي الذي بدات تشهده بعض ايرادات الدولة بسبب احداث الجوار ، مثل عوائد السياحة والتدفقات الاستثمارية وحوالات المغتربين في الخارج، والمقلق هو زيادة اعتماد الخزينة على المنح الخارجية ، والكل بات يعي اهمية المساعدات خاصة العربية الممثلة تحديدا بالسعودية في انقاذ الاقتصاد الوطني من ازمات كبيرة .

الوزير طوقان تحدث بشكل مباشر عن اخطاء حكومية كبيرة تدفع الخزينة اليوم ثمنها ، مثل الاستملاكات التي قامت بها الحكومات السابقة ، لتنفيذ مشاريع لم تنفذ ، مما كلف الخزينة دفع فائدة 9 بالمائة للمواطنين الذين تم استملاك اراضيهم لمشاريع لم تنفذ .

 كما ان مسالة التهرب الضريبي مازالت تقلق راسم السياسة الاقتصادية ، فالتقديرات تدلل على انها تتجاوز ال800 مليون دولار ، ولغاية الان لم تتمكن كافة اجهزة الدولة من ضبطها او الحد منها ، لا بل ظهرت بعض السلوكيات في الاونة الاخيرة التي تساهم بتزايد التهرب .

اخيرا ، فان الاداء الاقتصادي الوطني بات لصيقا بتطورات الاقليم المضطرب ، وقد ساهمت الاحداث المقلقة في المنطقة بتعزيز حالة عدم اليقين لدى الاقتصاد الوطني ، وهو ما يؤثر على مجمل عمليات الانتاج والتصحيح الاقتصادي ، ويعرقل اي جهود اصلاحية .

المطلوب تفاهم بين مؤسسات الدولة على مواجهة التحديات السابقة التي تحدث عنها وزير المالية ، فقد بات معلوما ان الحكومة لا يمكن ان تواجه تلك التحديات دون مساعدة الاطراف الاخرى الشريكة في ادارة الدولة . 

سلامة الدرعاوي