حكومات سادت ثم بادت

في ثنايا الاحتجاجات والمطالب الشعبية برحيل الحكومة، ما يشير بوضوح تام إلى عدم الرضا عن سمير الرفاعي نفسه ليكون رئيساً للوزراء. في حين تظل المطالب السياسية والاقتصادية أموراً أساسية، كانت تطرح سابقاً، وتطرح الآن بتأكيد عدم الثقة بالحكومة لإحداث أي تغيير إيجابي في الملفات المطروحة أمامها، وفي مقدمتها ملف الإصلاح السياسي، طالما أن رئيسها سمير الرفاعي كشخص، وباعتباره من مدرسة والده السياسية التي خبرها الناس مراراً، وليس فيها أي تقدمية أو ديمقراطية على الإطلاق، إذ إن ميزة الرفاعي الأب تجلت في كل المرات على أداء أرستقراطي مصطنع، يغلب فيه الشكل على الجوهر، ودون أن تقود إلى انجازات يمكن التفاخر بها، أو بناءات وطنية في التركيب الاجتماعي والاقتصادي العام للمواطنين.

لم يحظ الرفاعي الأب بقدر عال من الشعبية، ويمكن القول إنه ليس محبوباً من أغلب الأردنيين. والأمر عاكس نفسه بجلاء على الرفاعي الابن، وهو الآن يواجه مطالب علنية وصريحة برحيله، أساسها عدم الثقة، ورفض التوريث في السلطة التنفيذية، ومن جهة أخرى ما يخص مواقعه السياسية والفكرية والبناء الاجتماعي الذي يستند إليه باعتباره مغايراً لواقع الناس العام.

في الخمسينيات خرجت مظاهرات شعبية لإسقاط حكومة سمير الرفاعي الجد، وهبة نيسان عام 1989 أسقطت حكومة زيد الرفاعي، وهذه الأيام يطالب الناس بإقالة حكومة سمير الرفاعي الحفيد، ويمكن القول إن هذه الحكومات وحدها امتازت عن غيرها لجهة المطالب بإسقاطها.

تحرك الناس في المدن والقرى والعاصمة، وخروجهم بمسيرات يوم الجمعة كان فيه اجماع حول مسألة رحيل الحكومة. والذين خرجوا لم يكونوا من لون سياسي واحد، وقد كان لافتاً أن أغلبية الأطياف السياسية والشعبية كانت مشاركة، ومثل هذا الاجماع فيه ما يدفع للقول إن حراك الناس هذه المرة ليس نفسه الذي كان في مرات سابقة. وينبغي أن يأخذ على محمل الجد، من حيث الوقوف الوطني عند المطلب وتقديرها على أساس الحق في مراعاتها والاستجابة لها. إذ الوطن والشعب هما الأهم، والدراية بذلك متوفرة، خصوصاً أن إقالة الرفاعي ليس فيها أي تضحية.