عندما يتحرك رجال الأعمال
حركة رجال الأعمال في المجتمع هي معيار تفاؤل , لكنها تحتاج الى بيئة مواتية وهادئة بيد أنها تكون أكثر إبتكارا وجرأة عندما تقترن بغضب وغيرة في ظل أوضاع متعبة ومرهقة .
رأينا في المنتدى الإقتصادي العالمي أمثلة حية لكلا الحالتين يجدر الإشارة اليها في سياق الدروس المستفادة من مثل هذه المنتديات الهامة .
قلنا في وقت سابق أن إجتماع كل هذا العدد من رجال المال والإقتصاد والسياسة في الأردن هو إعتراف له بأنه بيئة مواتية وهادئة , وذلك يحفز رجال الأعمال في بلدنا لأن يتحركوا في إتجاه مضاد لكل دعوات التريث والتردد والحذر وغياب اليقين لتحريك الإقتصاد , فليس من وضع أفضل للتحرك الأن , أوليست الضغوط مدعاة للإبتكار .
المثال الأول , تمثل في إصرار شركة المعبر الإماراتية أن تدفع قدما بمشروعها الضخم في عمان والعقبة برغم التوتر في المحيط وبرغم كل عوامل التردد والحذر القادم من جوار مفتوح على كل إحتمالات الإنفجار.
المثال الثاني تمثل في مبادرة باسم خليل السالم رئيس مجلس إدارة كابيتال بنك في جمع نخبة من رجال الأعمال العراقيين بنظرائهم الأردنيين , والحديث عن التحديات الاقتصادية التي يجب أن تتحول الى إيجابيات تعود بالنفع على اقتصاد البلدين والمنطقة وعن الصادرات الأردنية للسوق العراقية التي تشهد ارتفاعا ونموا في في الربع الأول بنسبة ٤٩.٥% وكلها من صنع رجال أعمال وجدوا من إجتهد لتعبيد الطريق , وعن العراق الذي يعتز بالشراكة والعلاقات المتميزة مع الأردن , وهذا رد جميل وهاديء لكنه فاعل على كل محاولات تنغيص أجوائها .
المثال الأهم هو التحرك الصعب والأكثر تحد في مضمونه وغاياته وأهدافه وتعبيره عن الغضب وعن رفض لواقع مرير إستمر أكثر من 65 عاما من الحرمان كان عندما تحركت مجموعة قوامها 300 من كبار رجال الاعمال الفلسطينيين والاسرائيليين يتقدمهم منيب المصري في مبادرة «كسر الجمود» لاحياء جاد لمفاوضات تحقق للفلسطينيين حقهم في دولتهم المستقلة .
جرأة رجال الأعمال في طرح هذه المبادرة , ليس لأنها ولدت من رحم اليأس , إنما لأن من حركها هو الغضب ومن حفزها هي الضغوط والمعاناة .
بيئة الإستثمار المناسبة حافز لرجال الأعمال للعمل والإنتاج والإستثمار , لكن الضغوط والضائقة الإقتصادية والأزمات حافز أيضا , بيد أن المعيار في كلا الحالتين هو التفاؤل والثقة بالبلد وبالدولة وبالإمكانيات .