أين أنتم يا نواب الأمة ؟



لا أعرف كيف يصمت النواب عن حقيقة ما يجري على الشريط الحدودي مع سورية ، ولماذا تصرّ الحكومة على إخفاء حقيقة إيقاف المهاجرين السوريين تحسبا للمنظمات الدولية أو للموقف الأردني أمام المجتمع الدولي. و أي مجتمع هذا الذي تركنا نغرق وحدنا وهو ينظر إلينا دون خجل أو وجل، و أي منظمات دولية تلك التي لا تحرك ساكنا رغم تحذيراتها من خطورة الوضع في الأردن من جراء استمرار الهجرات وضعف المساعدات ؟ أين هم أشقاؤنا 
العرب ؟ وأين الجامعة العربية التي تبيع بالأمة وتشتري دون أن يكون لها عربي لا طعم ولا لون ولا رائحة ؟

اطلعت العرب اليوم وقبل حوالي شهرين على مسودة الخطابات التي أُرسلت لإحدى الدول العربية تطلب فيها الدعم وبلهجة لم تتعود عليها الدبلوماسية الأردنية وحاجتها لما يزيد على 185 مليون دولار قبل 15/5/2013 باعتبار أن عدد اللاجئين سيصل حداً لا يستطيع الأردن الاستمرار فيه وتقديم المزيد . وكان قرار إيقاف الاستقبال عبر الحدود غير الشرعية مرهون بوصول هذه المساعدات، ولما جاء التاريخ ولم تستجب الدولة العربية اصبح لزاما على الحكومة إيقاف استقبال اللاجئين باستثناء الجرحى والمصابين، فتم يوم الاثنين الماضي تطبيق هذا القرار.

هذه الحقائق تكشف لنا واقع الحال السياسي في الأردن ، ومدى ضعف المكاشفة والمصارحة والشفافية التي تمارسها الحكومة مع النواب، كذلك ضعف قدرة النواب على فرض وجودهم على الحكومة بمصارحتهم بالحقائق خاصة إذا رأت الحكومة فعلا أن يكون النواب هم شركاء فعليون لها ، وليس مجرد سلطة تشريعية دورها فقط سن القوانين والرقابة التي لا تخرج عن مجرد استعراضات بلا مضمون .
أنا حزين جدا على مجلس النواب وعلى ما آل إليه وعلى حالة الضياع التي يعيشها ، فرغم قناعتي وبالخبرة والفطرة بوجود ما يزيد على خمسين نائبا يحملون سمة وصفة نواب الأمة إلا أنني أترحم على دور بقية النواب الذين يحملون مجلس النواب إلى أصقاع الغربة والبعد عن المواطن وهمومه وبالتالي مصلحة الوطن العليا .

الأساس أن تحتمي الحكومة بقرار المجلس نفسه بإيقاف استقبال اللاجئين، وألا يكون قرارا خائفا مرتعبا خجولا ! بل صارخا ، باعتباره قرار الشعب ، الذي تحمّل المآسي والويلات والعطش والجوع والمعاناة والقهر باسم الإنسانية والقومية والجيرة ..الخ فأين هي الإنسانية ومناطقنا الشمالية أشد حالة من المناطق المنكوبة ؟ وأين القومية وقد تركونا وحدنا نتلاطم مع القادم من العواصف ؟ وأين الجيرة التي قاسمناها لقمة العيش وشربة الماء وما زال أبناؤنا من الدرك والأمن العام يرمون بالحجارة ويضربون بالعصي وكحالة انتقام ؟!
أين دور النواب بعد أن كفّ العرب والعجم يد الدعم عنا وهمُّ السوريين نتحمله وحدنا؟ ألم يعرف النواب أن تركيا بكل قوة اقتصادها توقفت عند حد معين وقالت : ليتدخل المجتمع الدولي ؟ فلماذا لم نثق بأنفسنا ؟ وصرخنا بأعلى صوت ومنذ البداية ؟ لماذا نستعرض أمام العالم وبإضعاف حجمنا وقدرتنا ؟! ماذا تعتقدون بالمواطن الذي تمثلون!! فلو كان من الصخر لتحطم ، ومن الفولاذ لتلين ولمات صبره؟!

الحكومة اليوم ملزمة برفع أسعار الكهرباء لأنها ملتزمة بذلك منذ توقيع الاتفاقية مع البنك الدولي والصندوق ، والحديث على غير ذلك عبث ، لأن الحكومات لا تجد بُداً من الذهاب لجيب المواطن المخزوق لتجيب متطلبات الشروط الدولية . فأين دور النواب أساسا من هذا الاتفاق وأين البدائل ؟
دعوني أتحدث بكل صراحة ، هل الشعب راض عن النواب ؟ وهل النواب راضون عن الحكومة ؟ والجواب لا يحتاج لكثير من الاجتهاد. فالنتائج التي يواجهها المواطن بمزيد من المعاناة هي الحكم ، فرفع الأسعار وعدم وجود رواتب في شهر آب القادم، وسلبية النمو التي علقت عليها مراكز الاقتصاد العالمية أجوبة لكل تساؤل . نتسابق لإقامة مؤتمرات دوليه ونبذخ بالإنفاق ونتباهى بالمناطق الاقتصادية ، ونتحدث عن مشاريع بالمليارات لم نعرف منها إلا ذكرها ،ولكن كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .

أيها النواب انقذوا الوطن ولا تجعلوه يحترق وسط غربة لا نعرف أين نتجه ! ولا تتركوه يختنق ، بينما نكتفي نحن بالنظر لمن يحضر الإسعاف، لا تجعلونا ندخل حالة الغيبوبة ، خاصة عندما ييأس الشعب من برلمانه وحكومته وكل مؤسساته .