طاهر المصري وفيصل الفايز


- طاهر المصري وفيصل الفايز.
- ليسا إستثناءً ، إنما أنموذجا يُحتذى في لحظة الضرورة ، حين تجب الصلاة في محراب الوطن ، فلا أناة لأين من الرجلين ، فهما كبيران بذاتهما ، كما أنهما يُمثلان الوعي على الحقيقة الأردنية الفلسطينية ، يحكمهما ويتحكم بهما الحرص على الروح الهاشمية ، إيمانا بأنها سرُّ الماضي ، الحاضر والمستقبل ، فهما ضمير الجمع ، جسر العبور بين ضفتي نهر الأردن المُقدس ، والطريق الوحيد والأوحد لأمن وإستقرار أهل جنوب الديار الشامية ، إذ لا عيش للفلسطيني بدون توأمه 
الأردني ، ولا حياة للأردني بدون شقيق روحه الفلسطيني .

- ليست مُصادفة أن يكون الرجلان هما الأقرب للملك ، إن كانا في الحُكم أو خارجه ، وليست مُصادفة أيضا أنهما يتميزان بالعراقة ، فهما جزء أصيل في فلسفة الحكم الهاشمي ، وما لأحدهما أن يتخلى عن المسؤولية المتوازنة سياسيا وإجتماعيا ، كما لا يحتاج أحدهما للتوجيه ، لفعل ما يجب فعله ، إذ لم تُخطئ بوصلتهما الجهة التي على أي منهما معالجة الخلل إن حدث، إن سياسيا أو إجتماعيا ، ومن يُدقق في مقدمه الفايز قبل بضعة أيام ، لإعادة العشيرة الأردنية كموئل عزٍ ، إلى دورها الأساس في بناء الأردن ، فإن من يُمعن النظر بما أورده المصري أمام الملك في حفل الإستقلال ، سيجد تناغما بين أداء الرجلين ، وإن بأحرف وكلمات مغايرة ، لكن الهدف واحد والنتيجة التي يسعى من أجلها الرجلان واحدة ، فهما الضمير الذي يحرص على صلابة الجبهة الداخلية ، وتعظيم الوحدة الوطنية ، وإعلاء الراية الهاشمية ، العربية ، الإسلامية التي تجمع ولا تفرق بين شركاء وحدة الحياة والمصير ، شرقي النهر وغربيه.

- ليس تجاوزا على أهمية ما يعمل عليه الفايز ، لإرساء القواعد مجددا لدور العشيرة الأردنية في المضمارين الإجتماعي والسياسي ، إنما عبق الإستقلال ما يدعونا للتوقف عند خطاب المصري ، وجملة الرسائل الصريحة والمُشفرة التي حملت مضامين ، مُكملة لمساعي دولة أبو غيث ، ففيما ينادي دولة أبو نشأت الأردنيين بسيادة قيم العدل ، المساواة ، الحرية وصون حرمة الدستور والقانون ، فقد غمز من قناة الذين يحرثون البحار لتقزيم الهوية الوطنية الجامعة ، وإذ يرى دولته أن من الضروري في هذه المرحلة ومن أجل المستقبل ، أن يُعمِّد الأردنيون الإستقلال بمزيد من التفاعل مع القوى الإقليمية والدولية ، تأثير وتأثرا ، فهو يقول أن التوافق الوطني هو هاجس الشعوب عامة ، لكنه بالنسبة للأردن سرُّ الحياة وطريق المستقبل ، وإذ يمقت المصري ثقافة التعصب ، فهو يُذكر الأردنيين بأن الجميع شركاء وطن ، وأن حق العودة لفلسطين حق مقدس لا رجعة عنه ، لكنه في ذات الوقت لا يتعارض مع حقوق المواطنة ، وفيما ينبذ الولاءات الضيقة فهو يؤكد على أن الدستور هو القول الفصل ، لتعظيم التوافق الوطني في الأردن ، الذي أسهم الجميع في بنائه بالعرق والدم.
- الفايز والمصري ضمير ، ونحن أيضا ضمير ليس برفعنا التهاني لجلالة الملك فحسب ، إنما بتذكير كل أردني وطني غيور على حماية الأردن وتحرير فلسطين ، أننا مُحاصرون بالنيران تشتعل من حولنا ، وقد بات فرض عين علينا جميعا أن ننحوا نحو التعقل ونُقصي كل ما يُعكر صفو وحدتنا ، ونعود لطبيعتنا حين تشتد الأزمة ، نصطف وراء مليكنا ، قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية التي يجهد منتسبوها على مدار اللحظة لحمايتنا ، لحماية الوطن الأردني الأعز ، ولا أعتقد أن الأعمى لا يري هول الأزمة التي تحيط بنا من أربع جهات الريح ، ويكفينا تداعيات الملفين السوري والفلسطيني ، وما بينهما مكائد ذوي القربى وهي الأشد غضاضة .
- حمى الله الأردن والأردنيين ، وأعاد لنا فلسطين ، وكل عام والجميع بخير.