لا خوف على الرواتب

 
ﻳﺸﻜﻮ وزﻳﺮ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ اﻟﺴﯿﻮﻟﺔ، وﻳﻘﻮل إن ذﻟﻚ ﻳﻀﻌﻒ ﻣﻦ ﻗﺪرة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺪﻳﺪ اﻟﺮواﺗﺐ. ﻟﻜﻦ ﻛﻼم
اﻟﻮزﻳﺮ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻤﺤﯿﺺ وﺗﻘﯿﯿﻢ، ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪى دﻗﺔ وواﻗﻌﯿﺔ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎت.
ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺪأ ﻳُﺘﺪاول ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أردﻧﯿﯿﻦ، ﻳﺮددون ﻣﻨﺬ ﻣﺪة ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺗﻔﯿﺪ ﺑﺄن اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﺴﯿﻮﻟﺔ اﻟﻜﺎﻓﯿﺔ
ﻟﺘﻐﻄﯿﺔ ﻗﯿﻤﺔ ﻓﺎﺗﻮرة اﻟﺮواﺗﺐ، واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪر ﺑﺤﻮاﻟﻲ 300 ﻣﻠﯿﻮن دﻳﻨﺎر ﺷﮫﺮﻳﺎ، ﻣﻌﻠﻠﺔ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻈﺮوف اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ
ﺑها اﻻﻗﺘﺼﺎد.
ﺻﺤﯿﺢ أن ﻓﺎﺗﻮرة اﻟﺮواﺗﺐ ﺛﻘﯿﻠﺔ ﺟﺪا، وﻗﺪ ارﺗﻔﻌﺖ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺤﻮاﻟﻲ 50 ﻣﻠﯿﻮن دﻳﻨﺎر ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎم
2012، ﻧﺘﯿﺠﺔ إﻋﺎدة اﻟﮫﯿﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ طﺒﻘﺘﮫﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﺑﯿﺪ أن اﻟﻤﻌﻄﯿﺎت اﻟﺮﻗﻤﯿﺔ ﺗﻜﺸﻒ أن ﻻ أزﻣﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﺗﻘﻠﻞ
ﻣﻦ ﻗﺪرة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺪﻳﺪ ﻓﺎﺗﻮرة اﻷﺟﻮر ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم؛ اﻟﻌﺎﻣﻞ واﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ.
وﺛﻤﺔ ﺿﻐﻮط ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮازﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ارﺗﻔﺎع ﻋﺠﺰھﺎ، ﻧﺘﯿﺠﺔ ارﺗﻔﺎع ﻗﯿﻤﺔ دﻋﻢ اﻟﻜﮫﺮﺑﺎء. ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺠﺰ ﻻ ﻳﺼﻞ
إﻟﻰ ﺣﺪود ﺧﻄﺮة ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻞ اﻧﻌﺪام ﻗﺪرة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ دﻓﻊ اﻟﺮواﺗﺐ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﺜﻞ اﻷردن، ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺷﺮﻳﺤﺔ
واﺳﻌﺔ ﻓﯿﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺪاﺧﯿﻞ ﺷﮫﺮﻳﺔ، ﺗﺄﺗﻲ أﺳﺎﺳﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم.
وﺗﻮﻓﯿﺮ ﻓﺎﺗﻮرة اﻟﺮواﺗﺐ اﻟﺸﮫﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻣﺮا ھﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام، وﻟﻢ ﻳﺤﺪث أن ﺗﻮﻓﺮت ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺠﻤﻮع رواﺗﺐ ﻋﺎم
ﻛﺎﻣﻞ ﻣﺜﻼ. ﻓﺒﻠﺪ ﻣﺜﻞ اﻷردن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ إﻳﺮاداﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺮاﺋﺐ واﻟﺮﺳﻮم ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ، واﻟﻘﺮوض ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ
اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ، ﻟﺘﻐﻄﯿﺔ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻮازﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ، واﻟﻤﻨﺢ ﺑﺪرﺟﺔ أﺧﯿﺮة. وﻣﻦ ﺛﻢ، ﻓﻤﻦ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﻪ
ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺗُﺮﺻﺪ داﺋﻤﺎ ﻟﻸﺟﻮر.
وﺧﻼل أول ﺷﮫﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺑﻠﻎ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻹﻳﺮادات اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ واﻟﻤﻨﺢ ﻣﺎ ﻣﻘﺪاره 863 ﻣﻠﯿﻮن دﻳﻨﺎر، ﻓﯿﻤﺎ
ُﻗﺪرت اﻟﻨﻔﻘﺎت ﺑﻨﺤﻮ 883 ﻣﻠﯿﻮن دﻳﻨﺎر، وﻟﯿﺒﻠﻎ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻗﺮاﺑﺔ 20 ﻣﻠﯿﻮﻧﺎ ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗﮫﺎ.
واﻟﯿﻮم، ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ اﻟﻤﻮﺣﺪ أﻣﻮال ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻘﯿﻤﺔ اﻟﺮواﺗﺐ. ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻘﺪاره 385 ﻣﻠﯿﻮن دوﻻر
ُﻗﺪم ﻣﻦ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﻟﻲ ﻛﺪﻓﻌﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﻗﺮض اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ؛ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ وزارة اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺑﺎﻟﺴﺤﺐ ﻣﻨﻪ
ﺑﻌﺪ، وﻣﺎ ﻳﺰال ﻣﻮﺟﻮدا ﻟﺪى اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻤﺮﻛﺰي.
وﻣﻌﺮوف ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ أن ﻣﻮارد اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﺗﻮرّد ﺷﮫﺮا ﺑﺸﮫﺮ، اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮارد اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة أن ﺗﺪﻓﻖ
اﻷﻣﻮال ﻣﺒﺮﻣﺞ وﻣﺪروس، وأن وزارة اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺤﻮّل اﻟﺮواﺗﺐ ﻟﻠﻮزارات واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺗُﺠﺮي ﺣﺴﺒﺔ
ﺷﮫﺮﻳﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻤﻮﺟﺒﮫﺎ ﻗﯿﻤﺔ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺸﮫﺮي اﻟﺜﺎﺑﺖ، اﻟﺬي ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﺮواﺗﺐ واﻟﺘﻘﺎﻋﺪ وأﻗﺴﺎط اﻟﺪﻳﻦ وﻓﻮاﺋﺪه،
واﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪر ﺑﺤﻮاﻟﻲ 516 ﻣﻠﯿﻮن دﻳﻨﺎر ﺷﮫﺮﻳﺎ.
واﺳﺘﻤﺮار ﺗﺪﻓﻖ اﻷﻣﻮال ﻓﻲ ﻗﻨﻮات ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺠﺎري، وﻣﻨﻪ ﻓﺎﺗﻮرة اﻟﺮواﺗﺐ، ﻳﺸﻲ ﺑﺄن اﻟﻘﻠﻖ واﻟﺨﻮف اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺎور اﻟﺒﻌﺾ ﻏﯿﺮ ﻣﻨﻄﻘﻲ وﻟﯿﺲ ﻣﺒﺮرا. ﻓﺘﺪﻓﻖ اﻹﻳﺮادات اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺿﺮﻳﺒﺔ
اﻟﺪﺧﻞ واﻟﻤﺒﯿﻌﺎت، واﻟﻀﺮﻳﺒﺔ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮوﻗﺎت، واﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﻤﺮﻛﯿﺔ، وإﻳﺮاد داﺋﺮة اﻷراﺿﻲ واﻟﻤﺴﺎﺣﺔ.
ﻳﻀﺎف إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أن إﺻﺪارات اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﺪات ﻟﻠﺮواﺗﺐ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺗﻐﻄﻰ ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪة ھﻲ اﻷدﻧﻰ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ،
واﻟﺒﻨﻮك ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻄﯿﺔ ﺳﻨﺪات اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻘﻰ أداة اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻐﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎرف اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ وﺗُﻘﺒﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ.
وﻓﻲ اﻷﻓﻖ وﻋﺪ أﻣﯿﺮﻛﻲ، ﺑﻜﻔﺎﻟﺔ ﻗﺮوض ﻣﺤﻠﯿﺔ ﺗﻔﻮق ﻗﯿﻤﺘﮫﺎ ﻣﻠﯿﺎري دوﻻر، وﻳﺘﻮﻗﻊ اﻻﻧﺘﮫﺎء ﻣﻦ إﺟﺮاءاﺗﮫﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺑﻊ
اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ، ﻣﺎ ﻳﻮﻓﺮ ﻧﻮاﻓﺬ ﺗﻤﻮﻳﻞ إﺿﺎﻓﯿﺔ ﻟﻼﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﺘﻤﻮﻳﻠﯿﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ.
ﻓﺎﻷردن ﺗﺎرﻳﺨﯿﺎ ﻳﻤﻮل ﻋﺠﺰ اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺮاض، ﻓﮫﺬه ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻟﯿﺴﺖ طﺎرﺋﺔ. وﻣﺎ ﻳﺸﺎع ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻀﻐﻮط ﻋﻠﻰ
اﻟﻤﻮاطﻦ وﻳﮫﺪد اﻷﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ، وﻳﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد، وﻳﻀﺎﻋﻒ اﻟﻤﺨﺎوف.
وﺗﻮﻓﺮ اﻟﺴﯿﻮﻟﺔ اﻟﺸﮫﺮﻳﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ورﻏﻢ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﺣﺎﺻﻞ، وذﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ
اﻟﺒﻠﺪ. ﻟﻜﻦ ﺗﻀﺨﯿﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﮫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ﻳﻤﺜﻞ ﺳﻠﺒﯿﺔ ﻻ ﺗﺨﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎد، ﺑﻞ وﺗﺰﻳﺪ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ؛ ﻓﺎﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ
ﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻌﺎم، وﺗﻘﺘﻞ أﺟﻮاء اﻟﺘﺤﻔﯿﺰ.