تقرير مالية النواب

تقرير اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب حول القانون المؤقت لموازنة 2013 ، يتضمن اكثر من100 توصية 
للحكومة والنواب عليهم الاخذ بها ان كانت قابلة للتطبيق.

في الحقيقة ان توصيات اللجنة المالية لا تختلف كثيرا عن سابقاتها ، فهي تركز على نقاط محددة مثل ضرورة ضبط النفقات التشغيلية بنسبة 10 بالمائة والراسمالية 15 بالمائة ، و الحد من مصاريف المؤسسات المستقلة ، والعمل على دمجها ، وتعديل التشريعات الضريبية باتجاه زيادة الايرادات المحلية ، وتوجيه المساعدات نحو تنمية المحافظات ، وتكثيف البرامج التنموية الموجهة للحد من مشكلتي الفقر والبطالة ، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص ، وغيرها من عشرات التوصيات الصالحة لكل زمان ومكان .

لكن المفاجاة التي تضمنها تقرير اللجنة المالية في مجلس النواب هو التوصية الخاصة بدعوة الحكومة الى عدم رفع اسعار الكهرباء ، دون تحديد البدائل التي بامكان الحكومة ان تلجأ اليها .

طبعا توصية النواب تستند اساسا الى اعتبارات شعبية بالدرجة الاولى ، فتقريرهم يخاطب الناخبين لا الحكومة ، ومن المؤكد ان تحظى هذه التوصية باجماع كافة اعضاء مجلس النواب اثناء التصويت على التقرير الاسبوع المقبل.
خطورة بعض توصيات اللجنة المالية يكمن اساسا انه ياتي في ظل غياب الحوار الاقتصادي المتزن بين النواب والحكومة ، كما انه ياتي قبل شهر تقريبا من موعد استحقاق اتفاق صندوق النقد الدولي الخاص بتعديل اسعار الكهرباء والذي 
سيكون اساسا لتقديم الدفعة الثالثة والبالغة 385 مليون دولار من برنامج التسهيلات المقدمة للمملكة والذي يتجاوز قيمته الاجمالية الملياري دولار .

توصيات اللجنة المالية في ظل غياب روح المشاركة في تحمل المسؤولية تجاه التحديات الاقتصادية يعني ان العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يسير باتجاه غير سليم ، وهو ما سيؤثر على العلاقة بين الجهتين باتجاه سلبي للغاية .
موسم الموازنة العامة كان دائما يتميز بخطابات رنانة من قبل النواب ، ولا تقل حدة النقاش فيه عن ما يحدث في خطابات الثقة ، لكن هناك فارق ، هو ان طبيعة المرحلة الراهنة لا تتطلب توظيفا شعبيا للقرارت المصيرية .
اليوم الاقتصاد الوطني بحاجة الى حزمة متكاملة من الاجراءات التي على النواب مشاركة الحكومة في وضع تصوراتها والياتها ، وعدم التخلي عن هذا الدور لصالح مؤسسة دون أخرى ، المرحلة الراهنة في غاية الخطورة والحساسية ، فهناك الكثير ممن يتربص بامن البلاد ، ويسعى جاهدا لتوظيف احتياجات الناس المعيشية في تأليب الراي العام واثارة القلاقل والفتن .

على النواب ان يتفاهموا مع انفسهم ، فهم قبل ايام منحوا الثقة لحكومة تقدمت ببيان وزاري واضح المعالم والاتجاهات ، فما الذي تغير حتى ينقلبوا على تصويتهم بعد ايام قليلة من الثقة ، فالمرحلة الراهنة لا تحتمل التجريب ولعب الادوار غير السليمة ، اذا رفض النواب سياسات الحكومة الاقتصادية فعليهم ان يقدموا تصوراتهم العلمية والواقعية للمشاركة في اخراج الاقتصاد من النفق المظلم الذي يعيشه الاقتصاد الوطني .