قضية تستحق الاهتمام والمعالجة



يلتحق ما يزيد على 85 % من الحاصلين على الثانوية العامة سنوياً بالجامعات الرسمية والخاصة , وهذه النسبة المرتفعة تدلل على ثقافة المجتمع الأردني , الذي يعتبر الدراسة الجامعية للشباب اولوية مقدمة على كل شيء , برغم الظروف المادية القاهره للكثير من الأباء , فقد بات من العيب على الأب ان لا يدرّس ابنه حتى لو كان معدله متدني , واصبح تدريس الأبناء في الجامعات قضية مباهاة وتفاخر بين الأسر , مما رتب تبعات مادية انعكست سلباً على ترتيب الأولويات للمتطلبات الأساسية لهذه الأسر واضطرارها للأستدانة لهذه الغاية , على امل ان يتخرج الأبن ويحصل على فرصة عمل ليسدد ما ترتب على اهله من ديون , وهذا بالمحصلة ادى الى طرح اعداد كبيرة من الخريجين وبكفاءة متدنية يلهثون للحصول على فرصة عمل , رغم شح فرص التوظيف , وخاصة في القطاع العام الذي يتكالب عليه الخريجين , مما زاد في حجم البطالة سنة فسنه , وبات الأمر يستدعي حقيقةً ان يصار لوضع سياسات علاجية ووقائيه لهذة القضية التي تمس كل بيت في اردننا العزيز , وفي مقدمة هذه السياسات العمل على ايجاد تخصصات فنية وتقنية ومهنية في الجامعات وكليات المجتع تستوعب الطلبة الراغبين في اكمال دراستهم العليا بما يتناسب مع قدراتهم وامكاناتهم العلمية والمعرفيه والفنية , وان توضع لهذه التخصصات خططاً دراسية تواكب المستجدات التقنيه والفنيه الحديثة التي يحتاجها سوق العمل ويُراعى في مخرجاتها ان تؤهِل لدخول سوق العمل بقوة , بحيث تنافس التخصصات الأكاديميه ألأخرى التي ينكب عليها الطلبة والتي زاد فيها اعداد الخريجين العاطلين عن العمل , وبذلك نساهم في تحقيق المعادلة بأن نفتح المجال للجميع للدراسة العليا ولكن بطريقة موجهة ومدروسة بما يخدم المصلحة العامه . 

وهذا يتطلب بالمقابل ان يصار لوضع معايير جديدة لقبول الطلبة في التخصصات الأخرى التي تتطلب مهارات وقدرات علمية ومعرفية مرتفعة , مثل الطب والهندسة وغيرها من التخصصات العلمية المماثلة , بحيث يكون هناك امتحانات قبول في الجامعات تقيس هذه القدرات والمهارات التي يتطلبها التخصص الذي يرغبة الطالب مع مراعاة معدله في الثانوية العامة , الذي يعتبر حالياً المعيار الوحيد للقبول , دون الأخذ بالحسبان هل قدرات الطالب المهارية والمعرفية وميوله واستعداداته تؤهله لدراسة التخصص الذي ربما ارغم علية نتيجة لمعدله في الثانوية , وما يرغب بدراسته فعلياً تخصص مختلف , وهذا في نظري سيوجه الطلبة بشكل افضل نحو تخصصات تتوائم مع قدراتهم وامكاناتهم وميولهم , وسيقلل من اعداد الطلبة الذين يُقحمون في تخصصات فرضت عليهم بسبب معدل الثانوية العامة , والذي لا يعتبرالمعيارالوحيد لكفاءة الطالب لدراسة بعض التخصصات, كما سيوفر الكثير من الهدر الذي ينتج عن اقحام الطلبة في تخصصات لا يملكون القدرة العلمية والفنية ولا الرغبة لدراستها , فينعكس ذلك سلباً على نتائجهم ويتخرجوا بمعدلات متدنية نتيجة لذلك , كما وينعكس سلباً على اداءاتهم في العمل مستقبلاً وعلى الرضا الوظيفي لديهم . 

فالمطلوب التركيز على النوع لا على الكم , والتركيز على احتياجات السوق الداخلي والخارجي , وان لا نعمل على توريط ابناءنا بدراسة تخصصات تزيد من بطالتهم وتتسبب في هدر في المال والوقت , وأن نضعهم على الطريق الصحيح , وان يكون على قمة اولوياتنا توجيه طاقات شبابنا التوجيه الأمثل ليساهموا بأقتدار في بناء الأردن الحديث القليل في موارده الغني بأنسانه.

د0نزار شموط
drnezar@yahoo.com