عــبـــدة الشـــيــطــان


بالتزامن ولربما بمحض الصدفة , يوقف رئيس الوزراء السياحة الدينية في الكرك بناء على طلب مجموعة من أعضاء اللجنة الشعبية لمكافحة التشيع , وتُصدر المحكمة حكمها ببراءة الطلبة المتهمين بعبادة الشيطان , وهي فرصة لفتح ملف مسكوت عنه محليا او خاضع للاشاعة وللمزاج الشخصي , فنجد من يمنح الالقاب والصفات للناس على عواهنها .

فالطلبة الذين تم تجريسهم على صفحات الاعلام , أصدرت المحكمة حكمها ببراءتهم والحكم عنوان الحقيقة , واستمرارا للعادة الاردنية الخالصة بقيت القضية الاساس مفتوحة ومقيّدة ضد مجهول فما اثار الطلاب ضد زملاء لهم في الجامعة كان تمزيق القرآن الكريم والاساءة إليه عبر قذفه في اماكن النجاسة , وهو فعل مدان ويستوجب العقاب الشديد , لكن الحوادث مستمرة حتى بعد توقيف الطلبة , اي ان المجرم ما زال طليقا وسيمارس فتنته في الجامعة نفسها وربما تنتقل الى جامعات ثانية , فأين الامن واين كاميرات المراقبة واين المتابعة لحادثة تؤرق الجميع وفي جامعة تحمل اسم آل البيت. 

ملف الفتنة في الجامعات مفتوح على اكثر من مسرب , تارة بالاقليمية البغيضة وتارة بالوسم الاجتماعي وعبدة الشيطان وتارة نزجّ العشائر وتارة الفتيات والملف ايضا مفتوح دون معالجة حقيقية تنزع الفتنة وتستعيد هيبة الجامعات وهيبة محراب العلم , فثمة من يرى بضرورة فصل الطلبة وتقسيم الدوام الجامعي بين الطلاب والطالبات منفصلين , وثمة من يطالب بدخول الامن الى الجامعات وتأسيس وحدة امن جامعي , والحبل على الجرار , وهناك اتهام للمكارم بأنها سبب العنف , وهناك اقتراح بشهادة حسن السلوك الجامعية ولا احد يلامس المشكلة الحقيقية , بأن الطلبة يعانون فراغا مزمنا وان المكرمة غير محددة المدة وبعمر سنوات التخصص ولم يتحدث احد عن توزيع الطلاب جغرافيا لكسب معارف جديدة والتعرف على انماط اجتماعية متجددة والاهم الغاء التلقين وتكسير لافتتات دكاكين الابحاث الجاهزة .

ومنذ العام 2006 تحديدا وملف التشيع مفتوح برحابة في الاردن , بعد ان وجد الملف بيئة رحبة بعد انتصار حزب الله وتفاعل الشارع مع الصمود اللبناني بوجه الة الدمار الصهيونية , ولأول مرة يجد الناس في زعيم شيعي ملهما وبطلا ولا أظن ان الناس التفتوا الى شيعيته بقدر ما اعجبهم صموده وحزبه وحديثه عن التحرير وتدمير الصهاينة وهو حديث عذب يلاقي قبولا لدى الجميع لكن ليس الى حد التشيع المذهبي فالاردن بلد التسامح الديني على المستوى الشعبي , وحالات التطرف كلها حالات لها هدف التحرير ومقاومة الشرك وتحرير الارض الاسلامية في افغانستان ورغم اختلال البوصلة وادانتنا للعنف لاحقا الا ان الجميع ساهم في تغذية هذا التطرف بجمع التبرعات وإجازة اختلال البوصلة وكما ذكرت في مقالة الامس فالقدس طريقها مليء بالتحويلات , وصمتنا على التحويلات او تغذيتنا للتحويلات السياسية أعاد الكرة الى ملعبنا , وانتقل العنف بعد الفراغ من افغانستان الى العواصم العربية وقبلها العالمية .

ملف التشيع ملف سياسي وليس مذهبيا ورأينا كيف تراجع الملف والهاجس بعد اعدام الشهيد صدام حسين ورأينا كيف انفتح الملف بعد الازمة السورية وموقف ايران وحزب الله من الازمة, فهو ملف خاضع للمزاج السياسي الشعبي وليس للقياس المذهبي , وعلاجه سياسي وليس فقهيا ولعل التبرير غير المقنع الذي طرحه وزير الاوقاف خلال مناقشة الملف مع رئيس الوزراء منح المتلقي رؤية كيف تُعالج الامور بطريقة المجاملة وليس عن طريق الحسم السياسي , فلا وقف السياحة الدينية سيحل الامر ولا فتحها سيدفع الاردنيين نحو التشيع مذهبيا , لان القصة متعلقة بمزاج الاردنيين القومي وتأييدهم لاي خصم للصهاينة بصرف النظر عن المذهب , بدليل ان الاردنيين حزنوا على شافيز ولم يقوموا بتغيير دينهم .

عبدة الشيطان والتشيع قصص انتجتها حالة المجاملة والتراخي الرسمي وعدم حسم الامور من بواكيرها كما كل الملفات المفتوحة من اعتصام موظفي قصر العدل الى اخر سلسلة الاعتصامات غير المقنعة والتي باتت سلوكا ابتزازيا في كثير من المواقع , ولا حل الا الحسم المبكر لكل الملفات المفتوحة والمطلوب حسم سياسي وليس امنيا .