ربع الشركات المساهمة الى النائب العام


لم يعد خافيا أن حجم الفساد والمخالفات في الشركات المساهمة العامة في الماضي والحاضر، ولا نقول المستقبل، قد وصل الى درجة كبيرة أودت حتى الآن بمئات الملايين من الدنانير، التي تعود في غالبيتها الى مواطنين عاديين ليسوا أثرياء وجدوا أن شراء الأسهم والاكتتاب بها ربما يكون الوسيلة الأفضل لهم لتشغيل مدخراتهم والحفاظ على تنميتها عندما تتحقق الأرباح وترتفع الأسعار في سوق عمان المالي. إلا أن نسبة كبيرة من هؤلاء الذين يعدون بالآلاف المؤلفة يفجعون في أموالهم حينما تتحقق الخسائر ويهوي السهم الى القاع قياسا على رأسماله الفعلي.!
أعتى المتشائمين مما يجري في دهاليز الشركات المساهمة العامة من مؤامرات و"لعب على الذقون"، وتجاوزات لا حدود لها ترتكبها بعض مجالس الادارات بفعل رؤسائها وأعضائها مع سبق الاصرار والترصد، لم يكن يتخيل أن حوالي ربع هذه الشركات، أي ما يعادل خمسة وعشرين بالمئة منها، يمكن تصنيفها ضمن خانة الأوضاع الاستثنائية التي لا تتوافق مع قانون الشركات وغيره من تشريعات أخرى ضحاياها في معظمهم من المساهمين البسطاء!
ما يؤكد ذلك أن دائرة مراقبة الشركات كشفت عن أنها تنوي تحويل احدى وسبعين شركة مساهمة عامة إلى النائب العام، من بين قائمة تضم حوالي ثلاثمئة يبلغ مجموع رؤوس أموالها ما يقدر بثمانية مليارات من الدنانير، نظرا لتخلفها عن عقد اجتماعات لهيئاتها العامة الاعتيادية خلال المدة القانونية المسموح بها، ما يعني أن التقارير المتعلقة بأوضاعها المالية والادارية ليست على ما يرام، وربما تحمل مفاجآت لا يرغب القائمون عليها في فضحها أمام المساهمين أو الرأي العام عموما!

المادة 196 من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 وتعديلاته تنص على أن "تعقد الهيئة العامة للشركة المساهمة العامة اجتماعا عاديا داخل المملكة مرة واحدة كل سنة على الأقل بدعوة من مجلس ادارة الشركة في التاريخ الذي يحدده المجلس بالاتفاق مع المراقب على أن يعقد هذا الاجتماع خلال الأشهر الأربعة التالية لانتهاء السنة المالية للشركة"، وهذا ما يدل على أن مضي هذه الفترة القانونية دون أن يتم الالتزام بها يعني أن "وراء الأكمة ما وراءها" من تجاوزات ومخالفات وربما فساد ظاهر وباطن تريد مجالس الادارات اخفاءه عن أعين المساهمين وغيرهم الى أطول مدى ممكن!

لماذا لا تقوم ربع الشركات المساهمة العامة الأردنية بعقد اجتماعات لهيئاتها العامة العادية ضمن موعدها القانوني، هذا ما ستكشف عنه تحقيقات النائب العام في حال وصولها اليه فعلا من قبل دائرة مراقبة الشركات، لأن مثل هذه الهيئات تختص في مناقشة أمور عديدة من أهمها تقرير مجلس الادارة عن أعمالها خلال السنة المالية وتقرير مدقق حساباتها عن ميزانياتها وحساباتها الختامية الأخرى وأحوالها المالية وحساب الأرباح أو الخسائر، وقد ينطوي ذلك على مصائب وخفايا يعمل القائمون على بقائها طي الكتمان قدر الامكان.
هاشم خريسات