غياب العدالة مؤشر على انهيار الدول

غياب العدالة
اساس إنهيارالدول
والخطر هنا هو انهيار المجتمع والدولة امّا العدالة فهي اهم اساس لبناء المجتمع والدولة ومفعول غياب العدالة كمرض السرطان في جسم الانسان فهو قد يبقى كامنا لفترة طويلة ولكنّه ينتشر بسرعة كبيره وينهش المجتمع من اساسه فتراه في ظاهرة التفكّك الاسري والمشاجرات الطالبيّة والعشائريّة وتفشّي الفساد والاعتداء على حقوق الدولة والعامّة كما تراه في سيطرة القوّة وتفشّي الظلم وغياب الردع إلاّ على الضعفاء كما تراه في عشوائيّة إتّخاذ القرارات واستغلال الشلليّة والمصالح الشخصيّة وغياب الكفائات في التعيين وسيادة المراعاة والنفاق والمجاملة السلبيّة بل والتلهّي بالمطالبة بحقوق المرأة والطفل وكبار السنْ متناسين المجتمع كوحدة واحدة لأن كل تلك الفئات من المجتمع ظُلمت نتيجة لغياب العدالة والحكم الرشيد والانانيّة والفساد .
ونتيجة غياب العدالة تُفقد النظرة التعاونيّة في اتخاذ القرارات وتنفيذها وتسود فيها اهداف المراضاة لاشخاص ودول بعينها وتكون المصلحة الشخصيّة هي الموجِّه الحقيقي لتلك القرارات والاجراءات ويصبح القرار الفردي لصاحب القرار هو الاساس ومجالس التشاور الاخرى هي عبارة عن صور تكمِّل المنظر العام دون فعاليّة او مفعول عملي وتكون الانانيّة هي الموجِّه للسياسة والتنمية على حد سواء بما فيها من مخاطر الشخصنة والتوجّه الخاطئ .
هذا هو عمر بن الخطّاب الذي كان يرجو رحمة ربه حتى ساعة موته فيقول لعبد الله ابنه: (يا عبد الله ، خذ رأسي عن الوسادة وضعه فوق التراب ، لعل الله ينظر إلى فيرحمني) وهو المتيقظ دائماً فيقول: (إذا نمت الليل أضعت نفسي ، وإذا نمت النهار ضيعت الرعية)
وعندما مر في السوق يوماً فوجد إبلاً سمينة فسأل لمن هذه الإبل السمينة فقالوا هي لعبد الله بن عمرو انتفض فزعاً واستدعاه وطالبه بأخذ ماله فقط ورد الربح إلى بيت مال المسلمين ..
كان يقول للناس ( لا تقولوا الرأي الذي تظنونه يوافق هواي .. وقولوا الرأي الذي تحسبونه يوافق الحق) وكان يستبشر فرحاً فيقـــول: ( الحمد لله الذي جعل لي أصحاباً يقومونني إذا اعوججت . يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم واصفاً حاله
وَراعَ صاحِبَ كِسرى أَن رَأى عُمَــراً بَينَ الرَعِيَّةِ عُطلاً وَهـــــوَ راعيها
وَعَهدُهُ بِمُلـــــوكِ الفُرسِ أَنَّ لَهــــــا سوراً مِنَ الجُندِ وَالأَحراسِ يَحميها
رَآهُ مُستَغرِقــــــــــــاً في نَومِهِ فَرَأى فيهِ الجَلالَــــــــةَ في أَسمى مَعانيها
فَوقَ الثَرى تَحتَ ظِلِّ الدَوحِ مُشتَمِلاً بُردَةٍ كــــــــــــادَ طولُ العَهدِ يُبليها
فَهـــــــانَ في عَينِهِ ما كـــانَ يَكبُرُهُ مِنَ الأَكاسِرِ وَالدُنيـــــــــــا بِأَيديها
وَقـــــالَ قَولَــــةَ حَــقٍّ أَصبَحَت مَثَلاً وَأَصبَحَ الجيــلُ بَعدَ الجيــلِ يَرويها
أَمِنتَ لَمّــا أَقَمتَ العَــــــــــدلَ بَينَهُمُ فَنِمتُ نَومَ قَريـــــــرِ العَينِ هانيها
هذا هو الفاروق مثال العدل والعدالة الذى فرق بين الحق والباطل ومع كل ذلك العدل وتلك الانجازات جاء المجوسي ابو لؤلؤة وقتل الحاكم العادل الفاروق .
وللأسف في مجتمعاتنا المتنامية نجد حكاما وحكومات همّها جمع المال والمجوهرات وتنفيع اقربائهم وانسبائهم وآخر تفكيرهم الوطن وابناء الوطن .
وغياب العدل والعدالة في الاسرة يُسبّب الكراهية والبغضاء بين افراد الاسرة الواحدة وحتّى التفرقة في المحبّة بين ابن وآخر او بين البنت والولد اوغير ذلك من التمييز والعطف والحنان يولّد الغيرة التي تنقلب مع الايام للحسد والبغضاء .
وكذلك غياب العدل والمساواة في المدارس والجامعات ومراكز العمل يولّد نوعا من التكاسل وضعفا في الانتاج وتشويشا في التفكير وهذا يعود بخلافات قد تصل لاستعمال الاسلحة والاعتداءات الجرميّة والنزاعات العمالية وهذا يعود بالاثر السلبي على البلد من ناحية الاستثمار والتنمية المستدامة واللوم يقع على اصحاب القرار فبيدهم الدستور والعصا وحيث انّه لا يمكن توفير العدالة المطلقة لأنها مقصورة على السماء ورب السماء ولكن على الحكّام والحكومات توفير اعلى درجة من المساواة بين الناس ليشعروا بالعدل واهتمام حكامهم وحكوماتهم بهم .
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)صدق الله العظيم
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة ووقاه من اي ظلم واي شرْ .
احمد محمود سعيد
19 / 5 / 2013